في مثل هذا اليوم قبل 351 سنة بالتمام، أقيمت أول صلاة عيد فطر في أشهر جامع بالجزائر. ألقى خطبتي العيد والجمعة، يومها، الشيخ قارة باش أفندي، لكن المفاجأة التي لا يعرفها كثير من الجزائريين، هي أن هذا المسجد بناه مسلمون ويهود ومسيحيون.
إنه "الجامع الجديد"، الذي بني سنة 1666، يقع في قلب مدينة الجزائر العاصمة، تعلوه القصبة العثمانية التاريخية ويعانقه جامعان عريقان هما: الجامع الكبير وجامع كتشاوة.
خبير النقش
يقول المؤرخ الجزائر فوزي سعد الله في كتابه "الشتات الأندلسي في الجزائر"، بأن هذا المسجد "بُنِي بسواعد مجموعة من أكثر بنّائي البلاد كفاءة ومن مختلف الأعراق والأديان بمن فيهم يهودي خبير في النقش على الخشب، زيّن خشب الجامع بنقوشه طيلة قرابة عام بمعية مجموعة من النجارين".
ويمثل المسجد رمزا كبيرا للتعايش بين أبناء الديانات الثلاث في الجزائر منذ أكثر من ثلاثة قرون ونص، وهو ليس الوحيد، الذي بناه المسلمون والمسيحيون واليهود معا، لكنه الأشهر على الإطلاق، وفق الباحث سعد الله.
الأسيرٌ البنّاء
ويضيف سعد الله، المهتم بالتاريخ العثماني والأندلسي في الجزائر، قائلا "ما لا يعرفه غالبية الجزائريين عن الجامع الجديد، أن أهم المهندسين المعماريين والمقاولين الذين أنجزوه عام 1666م هما: الأسير النصراني، الذي كان يُلقَّب برمضان العُلْجْ ويوصَف رسميا في الوثائق بـ(مْعَلَّمْ البِناء النصراني)، والحاج إبراهيم بن المهندس وخبير الريّ الأوسطى موسى الحِمْيَري الثَّغْرِي الأندلسي".
مسيحيون آخرون
وحسب سعد الله فإن الأسير رمضان العلج، ورغم كونه أسيرا "كان يتلقى أجره كاملا كغيره من العمال الذين وُظِّفوا لإنجاز هذا المشروع الضخم بمقاييس ذلك العهد.
"لم يكن رمضان العلج النصراني الوحيد في مجال البناء في مدينة الجزائر بل اشتهر إلى جانبه اليوناني القايد حسن والإيطالي المنحدر من مدينة نابولي يوسف، وكانا حديثي العهد باعتناق الإسلام خلال الفترة، التي أُسندت لهما عدة مشاريع بناء استراتيجية دفاعية حوالي عام 1617م في المرسى المعروف اليوم بالمرسى القديم، حيث مقر الأميرالية سابقا"، يضيف سعد الله في كتابه "الشتات الأندلسي في الجزائر".
المصدر: أصوات مغاربية