مثليون، مزدوجو الميول الجنسي، متحولون جنسيا، وأشخاص يبحثون عن جنسهم الحقيقي.. كل هؤلاء أعضاء في ما يسمى "مجتمع الميم"، فئة ذات توجه جنسي قد يكون مختلفا مع الغالب، تعاني من التجريم القانوني في المغرب بموجب الفصل 489 من القانون الجنائي.
لـ"مجتمع الميم" مناصرون في المغرب. "أصوات مغاربية تحدثت إليهم.
ابتسام لشكر: هؤلاء ليسوا شواذا
"أولا يجب ضمان وجود هؤلاء الأشخاص كنوع جنسي، ثانيا تأتي ضرورة التوعية التي تلعب دورا مهما لكي نوصل بأنهم ليسوا شواذا، وأن ميولهم ليس اختيارا، بل هو توجه طبيعي وحرية"، هكذا تصرح المختصة في علم النفس المرضي وإحدى مؤسسات حركة "مالي" للدفاع عن الحريات الفردية، ابتسام لشكر.
لشكر تضيف لـ"أصوات مغاربية": "عندما يتم اعتقال أشخاص من مجتمع 'الميم' فهذا مؤشر على أن الوضعية مقلقة وأن الحقوق غير محترمة وغير محمية".
وتؤكد لشكر "ضرورة التنديد بـ'الهوموفوبيا' والـ'ترانسفوبيا' الموجودة في المجتمع والقانون، والمطالبة بمعاقبة الممارسين للعنف والتمييز والتحرش والتهديد ضدهم عوض معاقبة مجتمع 'الميم' بالفصل 489 من القانون الجنائي".
"تجب حماية حقوقهم بالنضال والتربية الجنسية وسط مجتمع ذكوري لا يقبل التنوع وتعدد النوع الجنسي"، تردف لشكر مطالبة المجتمع المدني بحماية الناشطين في مجال الحريات الفردية، لأن "حقوق المثليين أساسية لا تتجزأ عن حقوق الإنسان ولا توجد تراتبية في الأولويات النضالية".
"للأسف، نحن أقلية فقط تدافع عنهم لأن الجمعيات تخاف من هذه المواضيع الحساسة والتي تدخل في التابوهات"، تخلُص ابتسام لشكر.
سارة مانتان: حقوق المثليين من حقوق الإنسان
ترى الناشطة في حركة "مالي"، سارة مانتان، أن إلغاء الفصل 489 من القانون الجنائي أصبح أمرا مستعجلا وضروريا في المرحلة الراهنة، مضيفة لـ"أصوات مغاربية": "أؤكد ضرورة حماية حقوق المثليين ووضع حد للاعتداءات التي تستهدف حريتهم الفردية وكذلك احترام الالتزامات الدولية على مستوى حقوق الإنسان".
وتردف سارة مانتان: "يجب تغيير المنظومة التعليمية وترسيخ مبادئ الحب والسلام واحترام حقوق الأقليات وتقبل الآخر، لأن حقوق المثليين تعتبر جزأ لا يتجزأ من حقوق الإنسان".
تؤكد الناشطة المدنية على ضرورة التعامل مع الإنسان على قدم المساواة بغض النظر عن الميول الجنسية أو الهوية 'الجندرية'، وتقول: "يجب أن يكون هناك قانون شامل لمكافحة التمييز ضد المثليين يتضمن حظرا عاما للتمييز المباشر وغير المباشر بأشكاله كافة".
إسماعيل بلقياحا: يجب إلغاء هذا الفصل
يركز إسماعيل بلقياحا، وهو ناشط في جمعية "أقليات" لمناهضة التمييز ضد الأقليات الجنسية والدينية، على أهمية الديموقراطية في هذا المجال، ويصرح لـ"أصوات مغاربية" قائلا: "لا يمكن ضمان حقوق المثليين وحقوق الإنسان بصفة عامة إلا بتحقيق الديموقراطية في المغرب وضمان الحقوق والحريات وإلغاء الفصول التمييزية في القانون الجنائي كالفصل 489 الذي يجرم العلاقات المثلية".
ويضيف بلقياحا: "نحن في جمعية 'أقليات' نراهن على النضال ثم النضال من أجل تحقيق مجتمعنا المنشود الذي تسوده الديموقراطية الحقيقية، وندعو إلى نشر قيم حقوق الإنسان بكونيتها ومناهضة كل أشكال التمييز والاضطهاد".
أمينة التراس: يجب الوصول إلى دوائر القرار
"أنا أتبنى النسوية التقاطعية، فبالنسبة لي مختلف مستويات الاضطهاد التي تتغذى من بعضها البعض تتقاطع لتخلق وضعية 'حكرة' (أي اضطهاد) معينة"، هكذا تصرح الفاعلة في مجال حقوق المرأة، أمينة التراس.
وتضيف المتحدثة: "أمام وضعيات اضطهاد 'الكويرز' (المتسائلين عن هويتهم الجنسية) يجب فهم هذه الوضعيات عبر تحليل كل من العوامل الاجتماعية 'الجندرية' والفلسفية (..) التي ساهمت في خلق الاضطهاد والتمييز".
أمينة التراس تدعو إلى الرجوع إلى المجموعات 'الجذرية' التي تدافع عن حقوق "الكويرز"، والتي تملك من المعطيات ما يكفيها لتكون مرجعا لبلورة إستراتيجيات لصالحهم.
وتقول التراس: "لا أعتقد أن حقوق 'الكويرز' ستُضمن بمقاربة مؤسساتية، بالاعتماد على المنظمات الدولية، بل بجعل هذا الصراع شعبيا وبتوفير شروط تبني المعنيين بالأمر لقضايا تحررهن/هم بأيديهم".
وتردف: "لا يمكن أن يتوفر ذلك في ظل دولة سلطوية أبوية وترسانة قانونية تمييزية تجرم التوجهات الجنسية غير المغايرة".
"طالما النساء ومجموعات 'الكويرز' لا تملك السلطة الفعلية ولا تلج إلى القرار فلا ضامن فعليا لحقوقها"، تخلص المتحدثة.
سفيان هين: الإعلام والتعليم لمحاربة رهاب المثلية
"إلغاء الفصل 489 المجرم للعلاقات الجنسية بين شخصين من النوع نفسه هو شرط أساسي ومهم جدا لضمان حقوقهم، ثم فتح حوار صريح مع المؤسسات الرسمية في المغرب، وأن يكون للبرلمانيين الشجاعة للدعوة لإلغاء هذا الفصل"، هذا رأي الناشط الحقوقي سفيان هين.
هين يضيف إلى ما سبق ضرورة "تعاون فعاليات المجتمع المدني باعتبارها تتواصل مع المواطنين بشكل مباشر لمحاربة رهاب المثلية"، على حد تعبيره.
ويشدد سفيان هين على دور الإعلام مضيفا: "يلعب دورا مهما لتمكين هذه الفئة من حقوقها من خلال الدورات التوعوية. وأعتقد أنه من الضروري توسيع هامش حرية التعبير والإعلام في المغرب ليتسع المجال لهذه الفئة لإيصال صوتها".
ويركز هين أيضا على ضرورة تغيير المقررات الدراسية موضحا: "لا يعقل أننا في 2017 ولا يزال الكتاب المدرسي يحرض ضد تشبه النساء بالرجال أو العكس، ويزرع أفكارا سلبية لدى الطفل ضد المثليين".
المصدر: أصوات مغاربية