مظاهرات بتونس للمطالبة بالدولة المدنية
مظاهرات بتونس للمطالبة بالدولة المدنية

قد يتفق الجميع بأن أغلب المناضلين من أجل الديمقراطية والعلمانية التنويرية في المنطقة المغاربية، ينحدرون من أصول أمازيغية.

سعيد سعدي من الجزائر، أحمد عصيد من المغرب، مها الجويني من تونس، مدغيس ؤومادي من ليبيا، إلى غير ذلك من الأسماء المحسوبة على التيار الداعي إلى التحرر من قيود المعتقدات لصالح تسيير جمهوري يضمن للجميع حقهم في إطار الدولة المدنية. فهل هناك شبه إجماع أمازيغي على أن العلمانية هي الحل؟

​​يرى المفكر المغربي ورئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، أحمد عصيد ،"أن الأمازيغ اعتادوا تاريخيا على الحكم التشاوري، وهو ما جعلهم يرفضون جيلا بعد جيل أي قيد يفرضه الحاكم".

وفي حديثه لموقع "أصوات مغاربية"، ذكر عصيد أن "نظام التسيير في المجتمع الأمازيغي كان يقوم على التشاركية، وأن أغليذ (الملك) مثلا لم يكن يحكم بصفة مطلقة، شأنه شأن أمغار (شيخ القبيلة) الذي كان يتولى التسيير بصفة تشاورية على المستوى المحلي".

وبالنسبة لذات المصدر، فإن هذا التراكم، جعل الأحفاد ينادون بضرورة التخلص من القيود الدينية التي فرضها العرب عند استقرارهم بالمنطقة المغاربية. "لقد وجد الأمازيغ أنفسهم في حبس ضمن أنظمة خلقت كوابح باعتمادها الدين في التشريع القانوني"، حسب المفكر المغربي.

غلاف آخر ألبوم للفقيد معطوب لوناس يظهر تنديده بالأحزاب الإسلامية
غلاف آخر ألبوم للفقيد معطوب لوناس يظهر تنديده بالأحزاب الإسلامية

​​​​​​ويؤكد الدكتور عصيد أن "المخزن بالمغرب قبل الحقبة الاستعمارية، كان يستن بقوانين شرعية، إلا أن القبائل لم يعترفوا بها وكانوا يحتكمون لقوانين وضعية توافقية، بالرغم من كونهم مسلمين كذلك، لأنهم كانوا يرون في المحاكم الشرعية، تطبيقا جافا لنصوص لا تخدم المجتمع الذي يعيشون فيه".  

و يضيف ذات المصدر: لقد كان شرط الأمازيغ بالمغرب لترك النضال المسلح ضد المستعمر الفرنسي عدم إلحاق القبائل بالمحاكم الشرعية، وهو في حد ذاته رمز يمكن أن يفسر اتّباع أغلب الأمازيغ اليوم النهج العلماني وانتصارهم للدولة المدنية.

أحمد عصيد
أحمد عصيد

​​من جانبه،يرى المدير السابق لمركز الدراسات الاجتماعية بجامعة وهران، غربي الجزائر، الدكتور نجاح مبارك "أن الأمازيغ توارثوا ثقافة التسيير والتنظيم الذاتي بالاعتماد على أنفسهم حتى في ظل أعتى الأنظمة الدكتاتورية".

وفي حديثه لموقع " أصوات مغاربية"، أكد نجاح مبارك أن الأمازيغي سواء كان من منطقة القبائل بالجزائر، أو من الطوارق بأقصى الجنوب، يستمد تشريعه من العرف المتوارث، وهناك شبه اتفاق جماعي بين الأمازيغ على قوانين تسييرية وضعية، أغنتهم لقرون عن تشريعات سماوية"، قبل أن يضيف "هم يرون أن الإنسان هو الذي يفرض التشريع السماوي مدعيا وقوف القوة الإلهية إلى جانبه".

​​و إذ تؤكد الكاتبة والمناضلة الأمازيغية التونسية، مها الجويني، أن "أغلب المنادين بالدولة المدنية بتونس من أصول أمازيغية"، فهي ترى بأن "طبيعة الأمازيغي تفرض عليه التحرر من جميع القيود".

وتذكر في حديثها  ل"أصوات مغاربية"، بأن كلمة أمازيغي تعني " الرجل الحر"، وهو في حد ذاته "تحد لجميع أنواع القيود".

مها الجويني
مها الجويني

​​و في معرض حديثها، أكدت الجويني، أن "الأمازيغ لا ينتصرون للعرق بقدر انتصارهم للأرض"، وتضيف: لا نفتخر بالكاهنة لأنها قتلت العرب .. أبدا، نحن نشيد بانتصارها للأرض الجامعة، لأن الأرض هي التي جمعت المسيحيين واليهود، تحت لواء الأمازيغية التي تضم في كنفها كل مؤمن بالتنوع.

و يذهب الناشط الأمازيغي الليبي، مادغيس ؤومادي، إلى كون "الإسلاميين استفادوا من التراكم التاريخي للإسلام لفرض عروبتهم"، وهو بحسبه ما جعل "الأمازيغ ينتهجون استراتيجية رفض الدولة التيوقراطية للتخلص من قيود العروبة المفروضة".

مادغيس ؤمادي
مادغيس ؤمادي

​​و يؤكد ؤومادي في حديث "لأصوات مغاربية"، أن "العلمانية بالنسبة للأمازيغ لم تكن ردة فعل بقدر كونها خيارا استراتيجيا لإبعاد الدين الذي يتغنى به الديكتاتور العربي".

​​وأوضح ذات المصدر، أن "أغلب المسلمين من العرب يقرنون الإسلام بالعروبة، وإذا خاطبتهم بالأمازيغية، يقولون لك لماذا تتهكم على الإسلام؟" قبل أن يؤكد أن "طريق الخلاص، هو التحرر من سطوة الدين والوعي بحقوق الانسان".

المصدر : أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة