هم أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنهم استطاعوا التغلب على النقص الجسدي بكمال الإرادة وقوة التحدي، تاركين وراءهم الأحكام المسبقة ونظرة المجتمع السلبية، ماضين بثقة نحو أهدافهم: النجاح والإلهام وترك بصمة جميلة في الحياة.
حارث: الطموح لتجاوز الإعاقة
لم يكن من السهل بالنسبة لحارث بنوالي تحقيق حلمه في أن يصير صحافيا. فالمكان الذي تلقى فيه تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي كان عبارة عن منظمة خاصة برعاية المكفوفين، تعلم فيها طريقة برايل في القراءة والكتابة.
عندما حصل ابن مدينة ورزازات على شهادة الباكالوريا من المنظمة نفسها، اكتشف أن هذه الأخيرة لن تخول له الدخول إلى "المعهد العالي للإعلام والاتصال" من أجل استكمال دراسته في المجال الذي يعشقه، فاضطر إلى العودة إلى الثانوية العادية ليحصل على باكالوريا جديدة، تسلح بها وهو قادم إلى مدينة الرباط لاجتياز مباراة ولوج المعهد.
يقول بنوالي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "اجتزت المباراة بنجاح، ولحسن الحظ كان الأغلبية مع حقي في الدخول إلى المعهد. بعد ذلك اشتغلت مع الإذاعة الوطنية والآن أعمل مع أول موقع إلكتروني بالمغرب".
يعتبر حارث إعاقته محفزا له للمضي قدما في الحياة. يؤكد بنبرة واثقة: "ليس لدي أي مشكل مع كوني كفيفا، ولو خيروني الآن بين أن أرى أو أبقى كفيفا، سأختار الثاني".
سر النجاح بالنسبة لحارث بسيط جدا، وهو "الثقة بالنفس وعدم الاكتراث لنظرة المجتمع ومساندة الأهل والأحباب والأصدقاء".
يطمح حارث بنوالي لأن يصبح واحدا من رجالات الإعلام المؤثرين في صناعة الرأي العام، ويؤكد أن إعاقته لن تقف حاجزا أمام تحقيق هذا الحلم، لأن الأمر بالنسبة إليه "لا يحتاج سوى المهنية والاجتهاد".
إكرام: أرفض أن أكون عالة
"كنت دائما، وما أزال، أسمع كلمة (مسكينة) تتردد على مسامعي لأنني ولدت بإعاقة، لكنها كلمة لم تحطمني بقدر ما كانت حافزا بالنسبة إلي للتقدم والنجاح وإثبات الذات".
هكذا تعبر الشابة إكرام باكير، البالغة من العمر 21 عاما، عن تجاوزها لإعاقتها، هي التي استطاعت أن تلهم الكثيرين ممن هم في وضعيتها وتزرع داخلهم الأمل والرغبة في النجاح.
تقول إكرام في حديثها لـ "أصوات مغاربية ": "بالصبر والثقة بالنفس، استطعت مواجهة الجميع، فأنا مثل جميع الناس، أعيش حياة عادية، أقوم بكل أموري اليومية بنفسي دون مساعدة من أحد، أمارس هواياتي كالرسم والغوص بشكل طبيعي جدا".
استطاعت إكرام، التي تتابع دراستها في كلية الحقوق، أن تتحدى الحياة دون يدين، وأن تجعل من قصة عزيمتها أملا للكثيرين.
تدعو إكرام الأشخاص ممن هم في وضعيتها إلى التمسك بالأمل والتخطيط للمستقبل والعمل على ترك بصمتهم في الحياة. تقول: "لا يجب أن نمر في هذه الحياة مرور الكرام، فداخل كل واحد منا، هناك قوة خفية ينبغي إخراجها، والإعاقة الحقيقية هي إعاقة الروح وليس الجسد".
محمد: القوة في الروح والعقل
بسبب مرض نادر اسمه الهزال العضلي، اضطر محمد العتابي لقضاء 26 عاما من حياته مستعينا بالكرسي المتحرك، لكن مستعينا أيضا بالكثير من القوة والتحدي، استطاع الوصول إلى أهدافه في الحياة.
لم تكن طريقه مفروشة بالورود، فقد عانى طيلة فترة الدراسة الجامعية من مشكلة التنقل الذي كان صعبا جدا بالنسبة إليه، لكنه مع ذلك، استطاع الحصول على إجازة في العلوم السياسية بامتياز ليبدأ بعد ذلك مساره نحو النجاح.
يحكي قصته لـ "أصوات مغاربية": "كانت حياتي مليئة بالصعوبات والإكراهات، ولكنني حينما قررت التغلب عليها، لم تستطع أن تهزمني أبدا. بعد الإجازة في العلوم السياسية، اتجهت نحو معهد الصحافة بالبيضاء حيث حصلت على إجازة أخرى بميزة مشرفة جدا، وكنت دائما ضمن الأوائل".
اشتغل محمد في الإذاعة والتلفزيون، وبفضل المثابرة والإيمان، استطاع الجمع بين العمل والدراسة والعمل الجمعوي. يقول لـ "أصوات مغاربية": "أنا إنسان نشيط جدا، وزوجتي أيضا في وضعية إعاقة، ومع ذلك استطاعت أن تصبح فنانة تشكيلية".
يحلم محمد بتأسيس قناة خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، والهدف منها هو إشاعة ثقافة التحدي والإقبال على الحياة، بالإضافة إلى تصحيح الفكرة المغلوطة لدى البعض حول المعاقين.
يقول: "ما أريد إيصاله إلى الناس هو أن الأشخاص في وضعية إعاقة قد يكونون أكثر قدرة وقوة من الآخرين، فالقوة موجودة في الروح والعقل".
المصدر: أصوات مغاربية