بمناسبة الاحتفال بالذكرى 60 لإعلان الجمهورية التونسية دعت رئيسة "الحزب الدستوري الحر"، عبير موسي، رئيس الجمهورية إلى تغيير النظام السياسي الحالي، وإعادة النظام الرئاسي لتكتسب السلطة التنفيذية قوتها.
في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" تشرح بنموسى موقفها وتناقش إشكالات النظام السياسي الحالي و"هيئة الحقيقة والكرامة" و"حملة مكافحة الفساد".
نص المقابلة
لماذا اقترحت تغيير النظام السياسي القائم في تونس؟
في النظام السياسي الحالي السلطة التنفيذية غير قادرة على اتخاذ القرارات إلا بالرجوع للبرلمان وهو ما قيد صلاحيات أصحاب القرار.
في ظرف أقل من 7 سنوات تعاقبت 7 حكومات على تونس، أي بمعدل حكومة في أقل من عام، وهو دليل على فشل النظام السياسي الحالي إذا أن كل الحكومات تجد نفسها مكبلة بالتوافقات المصلحية بين اللوبيات، ويصبح رئيس الحكومة غير قادر على اتخاذ القرارات، ومعالجة الملفات الحارقة، وفرض سياسة حكوماته.
أصبحت تونس غير محكومة بسلطة سياسية انتخبها الشعب، وإنما محكومة بتوافقات، والشعب لا يعرف الجهة التي يمكنه محاسبتها أمام تعدد الرئاسات ومواقع القرار.
إن الحكومات، في ظل هذا النظام، غير قادرة على اتخاذ قرارات حازمة إزاء النتائج الاقتصادية الكارثية، وتدهور القدرة التنافسية، وارتفاع المديونية، وعجز الميزان التجاري، وارتفاع الاحتقان الاجتماعي، لأنها ليست سيدة نفسها وإنما مرتبطة بالتوافقات وبالبرلمان.
دعونا إلى تغيير النظام السياسي من أجل تركيز سلطة تنفيذية قوية قادرة على تحمل مسؤولياتها.
ألا يفتح هذا المقترح باب العودة إلى الانفراد بالحكم وبروز بن علي جديد؟
سلطة تنفيذية قوية لا تعني ديكتاتورية، ولا تعني تغييب دولة القانون والمؤسسات أو إعطاء صلاحيات تعسفية لرئيس الجمهورية، إنما هي إعادة هيبة الدولة، وقوة مؤسسات الدولة، وإعادة سلطة القرار ووضع حد للوبيات.
المنتفعون بالنظام الحالي والمشهد السياسي المفيوزي، الذي تحكمه اللوبيات الخفية، يعتبرون أن تغيير النظام سوف يفتح الباب أمام التغول والدكتاتورية.
المنتفعون بالنظام الحالي يخافون من عودة النظام الرئاسي المعدل، ويخافون من فقدان صلاحياتهم، في حين أن تغيير النظام سيفرز رئيسا قويا وحكومة قوية ومجلسا يمارس صلاحياته في إطار الأمانة والنزاهة.
جعل السلطة التنفيذية قوية لا يعني إعطاءها صلاحيات "صك على بياض"، وإنما تكون صلاحيات واضحة ومنظمة بموجب دستور يضمن قوة هياكل الدولة، وتكون لدينا ديمقراطية مسؤولة.
وصفت "هيئة الحقيقة والكرامة" بالدولة داخل الدولة، كيف ذلك؟
"هيئة الحقيقة والكرامة" دولة داخل الدولة لأنها تتمتع بصلاحيات منحها لها قانون العدالة الانتقالية، وجعلها تتحكم في القضاء والأمن ودواليب الإدارة ورقاب الناس.
"هيئة الحقيقة والكرامة" تحيل ملفاتها على القضاء بعدما تقرر الإدانة مسبقا، كما أن قرارات التجريح في أعضائها غير قابلة للطعن وهو ما منحها تغولا كبيرا.
هذه الهيئة تفتقر لروح المصالحة وتعتبر من العوامل المكبلة للنهوض بالاقتصاد لأنها تنظر في الملفات المالية لرجال الأعمال وتجعلهم مرتهنين.
لهذه الأسباب قدمنا مقترحا شاملا يتضمن تعديل جملة من فصول قانون العدالة الانتقالية إلى رئاسة الجمهورية وإلى مجلس نواب الشعب.
قلت إن الهيئة تفتقر لروح المصالحة في حين أنها عقدت جلسات مصالحة مع عدد من رموز النظام السابق، ألا يعد ذلك خطوة إيجابية لتحقيق المصالحة؟
لا تعتبر خطوة إيجابية لأنها عقدت جلسات مع أشخاص في وضعية ضعف ويخافون من انعكاس عدم الاستجابة على ملفاتهم.
في كل الحالات الشهادات تكون منفردة وليس هناك مواجهة بين الأشخاص، وتقتصر على تقديم شهادات انتقائية.
مهاجمتك لهيئة الحقيقة، يرى فيها البعض سعيا لعدم فتح ملفات النظام السابق وعدم كشف الحقيقة؟
بالعكس نحن نطالب بكشف الحقيقة، ونظمنا وقفة احتجاجية أمام مقر "هيئة الحقيقة والكرامة" من أجل كشف الحقيقة.
قمنا أيضا باستصدار حكم قضائي ضد الهيئة، لأنها اتخذت جملة من القرارات رغم اختلال تركيبتها، إلا أنها رفضت تنفيذ الحكم القضائي.
الهيئة تسعى إلى تزوير الحقيقة، وكشف جزء منها فقط، ونحن طالبنا بإجراء مناظرة تلفزية مباشرة بيني وبين رئيس "حركة النهضة" لكشف الحقائق، لكننا لم نتلق أي رد.
ماهو موقف الحزب من حملة مكافحة الفساد التي أطلقتها حكومة يوسف الشاهد؟
طالما أن رئيس الحكومة اختار تونس على الفساد فإننا نسانده مساندة مطلقة، لكننا قدمنا جملة من الملاحظات تتمثل في أن تكون هذه الحملة شاملة وغير انتقائية، وأن لا تندرج في إطار تصفية حسابات .
ليؤكد رئيس الحكومة أنها حملة شاملة عليه البدأ بمحاربة الفساد السياسي، وقد وضعنا على مكتبه ملفا بالقرائن والتصريحات حول تلقي حزب سياسي أموالا أجنبية.
إلا أننا إلى اليوم لم نتلق الرد، وإذا واصل رئيس الحكومة صمته فإننا نضع نقاط استفهام حول جدية الحملة.
المصدر: أصوات مغاربية