يعتبر "التحدي الاقتصادي" أبرز إشكال تواجهه تونس بعد ثورة 2011، فبعد تمكنها من تحقيق استقرارها السياسي والأمني، ما زالت الأوضاع الاقتصادية تواجه صعوبات يصفها البعض بالخطيرة.

وتأكدت خطورة الوضع بعد تصريحات وزير المالية بالنيابة، فاضل عبد الكافي، خلال حضوره الجلسة العامة للبرلمان أمس الخميس، إذ كشف عن عجز الدولة التونسية عن تسديد أجور موظفيها، ما يضطر الحكومة إلى اللجوء للاقتراض الخارجي لتسديد أجور الموظفين شهري غشت وسبتمبر.

​​تصريحات أحدثت صدمة لدى الرأي العام، بشكل جعل البعض يتساءل  عن حقيقة الوضع المالي لتونس وسبل الخروج من الأزمة الاقتصادية.

وضع صعب جدا

خلال جلسة عامة بالبرلمان صادقت على قرض مسند إلى تونس من الاتحاد الأوروبي بقيمة 500 مليون أورو، صرح وزير المالية بالنيابة فاضل عبد الكافي أن "نسبة المديونية بلغت 75 بالمئة، وأن السيولة المالية لتونس تنزل إلى أقل من دفع أجور الموظفين".

في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أكد الخبير الاقتصادي والمالي، عز الدين سعيدان، أن "المالية العمومية في وضع صعب جدا بلغ حد تفاقم العجز في الميزانية ولجوء الدولة للاقتراض الخارجي من أجل تغطية ذلك".

ورأى سعيدان أن مصير المالية في تونس "أصبح مرتبطا بقرار صندوق النقد الدولي وبصرف القسط المتبقي من القرض المخصص لها".

يذكر أن وفدا من صندوق النقد الدولي يقوم بزيارة إلى تونس هذه الأيام هدفها، وفق ما صرح به محدثنا، "تقييم الأوضاع في تونس من أجل إقرار صرف القسط المتبقي من القرض من عدمه".

​​وتعود أسباب تأزم الوضع وفق الخبير الاقتصادي إلى "السياسات الخاطئة" التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2012، من خلال فتح الميزانية للنفقات المكلفة وفتح الوظيفة العمومية للانتدابات العشوائية، وضعف تصرف الحكومات مع إضرابات واعتصامات أدت إلى تقليص الإنتاجية.

​​وبخصوص حقيقة بلوغ تونس حافة الإفلاس بسبب تأزم الوضع، قال سعيدان: "أرفض استعمال هذا التوصيف. فعلا الوضعية صعبة جدا وعلى الحكومة اتخاذ حلول عاجلة لإنقاذ الاقتصاد من خلال إجراء تقييم دقيق للوضع ووضع استراتجية إصلاح هيكلي".

رسالة سلبية

من جانبه، اعتبر الخبير المختص في إدارة المخاطر المالية، مراد الحطاب، أن "تصريحات وزير المالية بالنيابة تعد رسالة سلبية للرأي العام وللمستثمرين على حد سواء، كما أنها تحدث الهلع والشعور بالمرارة لدى عامة الناس".

​​وعبر مراد الحطاب، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، عن "صدمته من هذه التصريحات ومن توجه الحكومة نحو الاقتراض الخارجي من أجل تسديد الأجور وتغطية العجز في الميزانية".

وأضاف الحطاب أن "المشكل الأساسي الذي يعاني منه الاقتصاد التونسي لا يكمن في المالية العمومية، وإنما في السياسية المتبعة في المعاملات الخارجية".

فالواردات تعتبر، حسب الخبير المختص في إدارة المخاطر المالية، "النزيف الحقيقي الذي سيؤدي إلى سقوط الاقتصاد التونسي".

وبالعودة إلى الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء، سجل  الميزان التجاري خلال السداسي الأول من سنة 2017 عجزا بقيمة 7535.2 مليون دينار بسبب التفاوت في نسق التطور بين الواردات (+16.4%) والصادرات (+12.7%).

وأكد الخبير الاقتصادي أن الضغط على حجم الواردات وتقليصها بنسبة 30 بالمائة سيمكن تونس من حل العجز المسجل في ميزانية الدولة نهائيا، وختم بالقول: "الحل الاقتصادي لتونس هو تنظيم مسألة التجارة الخارجية وتقليص توريد المواد الكمالية التي لا يحتاجها التونسي والمواد غير المطابقة للمعايير".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة