غائب عن برامج السياحة الثقافية للمتجولين بين قصر الباهية وقصر البديع ومسجد الكتبية وقبور السعديين ومعالم أخرى بمراكش. قابع في ركن صغير بحي "سيدي ميمون" بين مسجد الكتبية يمينا وباب «اكناو» و "الرب" شمالا. الحركة جد عادية حوله، وأغلب المارين أمامه لا يعرفون أنه مؤسس الدولة المرابطية، فيما بعض سائقي سيارات الأجرة يجهلون وجوده. عاش زاهدا في حياته ومات مدفونا في ضريح لا يحمل أي علامة تدل على وجوده..إنه ضريح يوسف ابن تاشفين
حاكم يقاوم النسيان
هو مؤسس مدينة مراكش سنة 1062م، والملقب بأمير المسلمين، "عرف بالحزم والصرامة والقوة في تدبير أمور المغرب الأقصى، وحد بين جهات المغرب ونقل عاصمته من فاس إلى مراكش". هكذا تتحدث الدكتورة في الأدب المغربي بشرى تاكافراست، عن أهم الصفات التي ميزت يوسف بن تاشفين المتوفى عن عمر يناهز 100 سنة عام 1106.
وتضيف بشرى في تصريح لـ "أصوات مغاربية": "استولى يوسف بن تاشفين على المغرب الأوسط كله ودخل إلى الأندلس أيضا، بعد استنجاد الشعوب المسلمة به عن طريق المعتمد بنعباد ملك اشبيلية، فاستجاب لها، وكان الانتصار حليفه في معركة (الزلاقة) ضد الإسبان".
تشير بشرى إلى أن "يوسف بن تاشفين أضاف نصرا على نصر، وتجاوزت قوته حدود البحر الأبيض المتوسط إلى إسبانيا، وتعتبر أن الضريح ورغم ترميمه مؤخرا بفضل توجيهات للملك محمد السادس، إلا أنه لا يزال مغلقا في وجه العموم، والاهتمام به ضعيف".
ترميم مع وقف التنفيذ
وضع الملك الراحل محمد الخامس بعد الاستقلال، سنة 1961، رخامة تشير إلى اسمه بمدخل الضريح، وظل كذلك إلى أن بدأت أشغال الترميم. كان الضريح في حالة مزرية، سوره ملجأ للمتشردين، لم يكن يتوفر على الماء والكهرباء، فقط سيدة متطوعة تعيش على إكراميات الزوار تتكلف بتنظيفه. بعد مطالب متعددة من جمعيات مهتمة بالشأن الثقافي والتاريخي، تم ترميمه، لكنه موصد في وجه العموم حاليا.
وعن مآل الضريح يصرح المحافظ الجهوي للتراث الثقافي لجهة مراكش آسفي جمال أبو الهدى لـ "أصوات مغاربية" قائلا: "الضريح مغلق الآن في وجه الزوار، ومن المحتمل أن يندرج ضمن المسار السياحي للسنة المقبلة، فقط ننتظر فتحه ليتعرف الجميع على تاريخه. ونتمنى من السيد والي الجهة أن يسرع بفتحه في أقرب وقت".
ويضيف أبو الهدى: "لقد أصبح بعد الترميم في حلة جديدة بفضل مجهودات ولاية جهة مراكش تانسيفت الحوز. تم ترميمه وصباغة الجدران وتبليط أرضيته، وعلقت بداخله لوحات تعرف بسيرة يوسف بن تاشفين وإنجازاته، من أجل إعادة الاعتبار إلى هذا الاسم العظيم في تاريخ مدينة مراكش". وعن غياب لافته تدل على اسمه يؤكد المحافظ الجهوي أنها "جاهزة وسيتم تعليقها على باب الضريح بعد إعادة فتحه".
مطالب للتعجيل بفتحه
بالمقابل يقول الباحث في التراث أحمد مفتكر "يجب أخذ مطالب الاهتمام بأعظم شخصية مرت في تاريخ مراكش على محمل الجد. لا يكفي فقط ترميم الجدران والأبواب، بل يجب التفكير في إنشاء متحف وخزانة تضم جميع المراجع المتعلقة بالدولة المرابطية، لتصبح تحت تصرف السياح والباحثين".
ويؤكد مفتكر أن "المظهر العام، حيث يتسكع المتشردون ويجلس المتسولون، لا يليق بامبراطور كبير في تاريخ المغرب من قيمة يوسف بن تاشفين"، ثم يضيف "انتهى الترميم، ولا يزال الضريح مغلقا منذ سنتين، فما الذي ينتظرونه لإعادة فتحه في وجه العموم وتسويقه في دليل السياح الأجانب والمغاربة، وإعطائه القيمة التي يستحقها فعلا؟».
المصدر: أصوات مغاربية