مرت 18 سنة على اعتلاء الملك محمد السادس الحكم، شهد فيها المغرب مجموعة من التحولات الاقتصادية، السياسية والاجتماعية. يعتبرها بعض المتتبعين لمجرى الأحداث، إرادة ملكية واضحة للسير نحو الديمقراطية، في المقابل ترتفع أصوات أخرى مطالبة بمزيد من الإصلاحات التي يستحقها المواطن.
"أصوات مغاربية" استقت آراء محللين في المجال الاقتصادي، السياسي والحقوقي للحديث عما تغير منذ تولي الملك الحكم في 30 يوليو 1999.
عمر الشرقاوي: دستور 2011 عنوان عريض
يعتبر دستور 2011 أهم حدث سياسي عرفه المغرب في عهد حكم محمد السادس. وقد جاء هذا التعديل الدستوري مباشرة بعد ارتفاع مطالب حركة 20 فبراير إبان ما سمي بـ"الربيع العربي".
ويصرح المحلل الدستوري والسياسي عمر الشرقاوي لـ"أصوات مغاربية" قائلا: "تعتبر وثيقة 2011 العنوان العريض لأهم الإصلاحات الدستورية. لقد قدمت للفاعلين السياسيين فرصا كبيرة لتغيير فعلي، لكن بعد مرور 6 سنوات، لم يتم استغلالها سياسيا بشكل ملموس".
ويشيد عمر الشرقاوي على المستوى القانوني، بالكم الهائل لنصوص القوانين التي صدرت خلال أربع ولايات تشريعية، وعدّدها الشرقاوي في حوالي 1000 نص قانوني، لكنه يستدرك قائلا: "تكمن المعضلة الحقيقية في عدم تنزيل تلك النصوص على أرض الواقع لتمس حياة المواطن مباشرة".
ويرى الشرقاوي على مستوى الدبلوماسية أن الملك اهتم بالقارة الأفريقية، كما وقع ما يقارب 400 اتفاقية دولية كالبروتوكول الدولي لمناهضة التعذيب واتفاقيات مناهضة الفساد والاتفاقيات المرتبطة بمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب.
ويختم الشرقاوي حديثه عن أهم النقاط، التي يراها فاصلة في سنوات حكم محمد السادس، بالجانب الديني.
يقول: "تعتبر هيكلة الحقل الديني من أهم التغييرات الأساسية في عهد محمد السادس، خصوصا بعد أحداث 16 ماي، سواء على مستوى قانون الإرهاب عبر تشديد العقوبات، أو عبر وضع يد الدولة بشكل كلي على الحقل الديني عبر ضبط المرشدين والمؤسسات الدينية والإعلام الديني".
خديجة الرياضي: ازدواجية مواقف الدولة
ترى الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، أن إعلان نتائج هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2006 كان أهم حدث عرفه المشهد الحقوقي خلال حكم محمد السادس.
وتقول لـ"أصوات مغاربية" حول تقييمها لـ18 سنة من حكمه: "أولا، كانت مبادرة الهيئة جريئة وكل توصياتها إيجابية، لكنها لم تكن كافية لوضع المغرب على المسار الصحيح للديمقراطية. ثانيا تم دمج باب الحقوق والحريات في دستور 2011 واعترف بالأمازيغية كلغة رسمية".
وتعتبر الرياضي أنه لم ينزل من نتائج توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ما بين 2006 و2011، إلا القليل، وتم استغلالها سياسيا لتلميع صورة المغرب في الخارج على حد تعبيرها.
وتضيف: "في الوقت الذي كانت فيه الدولة تصفق لتوصيات الهيئة خارجيا، كانت تمارس انتهاكات حقوقية على معتقلي 16 ماي المحكومين بقانون الإهاب، وهو ما أعتبره ازدواجية في الخطاب والممارسة في مجال حقوق الإنسان".
من جانب آخر، أقر الملك محمد السادس مدونة الأسرة، التي رفعت سن الزواج بالنسبة للرجل والمرأة من 15 إلى 18 سنة، كما ألغت بند عدم زواج المرأة إلا بموافقة والدها وفرضت أيضا موافقة الزوجة الأولى إذا رغب الزوج في التعدد.
وتعتبر الرياضي أن الجانب الإيجابي من المدونة "لا يطبق، إذ لا تزال ظاهرة العنف الزوجي متفشية في المجتمع".
وتستنكر الرياضي وضعية الحريات الفردية قائلة: "ظاهرة هجوم مواطنين على مواطنين آخرين بسبب توجهاتهم الجنسية أو الدينية أصبح خطيرا في مجتمعنا، وعلى الدولة أن تنشر قيم حقوق الإنسان بين الأفراد".
عبد الخالق التوهامي: نمو كبير
أقدم الملك في الجانب الاقتصادي على فتح مجموعة من الورش الكبرى، ويقول أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط، عبد الخالق التوهامي، لـ"أصوات مغاربية"، أن "الملك حقق في 18 سنة فقط نموا لا يمكن تحقيقه إلا في 40 سنة".
ويضيف أن "الاستثمارات سجلت في المغرب وخصوصا في شمال المملكة أهمية كبيرة".
ويضرب التوهامي الأمثلة بميناء طنجة المتوسطي والطرق السيارة ومشاريع الطرق القروية والمدن الصناعية.
ويركز التوهامي على توسع الشركات المغربية في الأسواق العالمية، مضيفا "كان المغرب منفتحا على أوروبا، والآن أصبحت مكانة مرموقة في أفريقيا بالأساس".
ويصرح التوهامي متحدثا عن سلبيات 18 سنة من حكم الملك أن "الحكومات المتعاقبة لم تكن تسير بالسرعة نفسها التي تسير بها المبادرات الملكية، إضافة إلى مجموعة من المشاريع والقوانين لم يتم تنزيلها ولم تنجز فعليا".
المصدر: أصوات مغاربية