"أنا حليمة، لا أحد يعرف عمري بالتحديد، قد أكون تجاوزت التسعين. ظلمتني الحياة، فهي من قاسمتني البؤس الذي يطارد ظلي، تعبت من الجري وراء لقمة العيش، فقد أمضيت حياتي كلّها من أجل "الخبزة"، خادمة هنا وهناك في مدينتي التي ألفت وجهي من زمن القرن الماضي إلى القرن الحالي.

لم أعرف طعم الحياة العائلية، فقد عشت متشردة بعد رحيل أبي وأمي.. عشت وحيدة، يتيمة، هو نفس الإحساس الذي يحملني اليوم على الشعور بقهر الحياة لي، حياة لم تنصف كفاحي.

عشت مرحلة الحرب في الجزائر بكل دمويتهما ومآسيها، بكيت فرحا للاستقلال، ثم ما لبثت أن بكيت حزنا على حالي، عشت مرحلة الخوف في بلدتي، كان الناس يجرون في كل الاتجاهات بمجرد غروب الشمس، أدركت فيما بعد أن الموت يطارد الجميع، ما خشيته أبدا، فحياتي كانت كلها موتا أبديا.

أعيش اليوم آخر أيامي متسكعة هنا وهناك، تماما مثل الذين كانوا يفرون ذات يوم من الموت، يجرون هنا وهناك.

أنا لا أشكو حالي لأحد.. فقط أسئلتكم تعيد تكرار شريط حياتي، وأنا ما أحببت أسئلتكم، لأنها تؤرقني، فأنا أخشى العودة إلى طفولتي، أخشى أن أعبر مجددا جسور البؤس والحاجة والفقر.".

(حليمة، الجزائر)

مواضيع ذات صلة