وراء أبواب الصمت، وفي مجتمع يعتبر الأمهات العازبات 'عارا' يجب التخلص منه، لا تزال جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة والمدافعين عن حقوق الإنسان يبحثون في ظاهرة يرفض المجتمع تبنيها ويعتبرها خطيئة تتحملها المرأة وحدها.
وترتبط ظاهرة الأمهات العازبات في الجزائر بالعنف الجنسي والجسدي ضد المرأة، والذي يؤدي في بعض الأحيان إلى ارتكاب جرائم قتل بحق النساء أو الفتيات، ولذلك أطلقت وزارة التضامن والمرأة في الجزائر سلسلة من المهام المشتركة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان حول العنف الممارس ضد المراهقات.
أمومة محظورة!
رغم المشاكل التي تعترض تربية الأمهات العازبات لأبنائهن، ورفض المجتمع تبني فكرة "الأم العازبة"، وما يلحق هذه الأخيرة من ظلم وتهميش ومطاردة، فإن بعضهن رفضن التخلي عن أبنائهن.
فقد أعلنت وزيرة التضامن والمرأة، مونية مسلم سي عامر، مطلع السنة الجارية خلال ردها على سؤال لنائب بالمجلس الشعبي الوطني في فبراير 2017، أن 363 أماً عازبة رفضن التخلي عن مواليدهن خلال سنة 2016، وكشفت أرقاما تؤكد تكفّل 41 مركز إسعاف للطفولة بـ 1237 طفلا خلال السنة ذاتها.
من جانبها، كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هذا العام، عن 10 آلاف أم عازبة في الجزائر، و أشارت الرابطة إلى أن الجزائر تسجل 1000 أمٍ عازبة كل سنة.
أطفال بلا آباء
وفي هذا الصدد يقول رئيس جمعية حماية الأحداث للجزائر العاصمة سيد علي لعبادي لـ"أصوات مغاربية" إن "الجمعية تتلقى المئات من النداءات من طرف الأمهات العازبات بغرض إيجاد حل لمستقبل أطفالهن، إذ يلزم القانون الأم العازبة بأن يحمل مولودها اسمها، و كجمعية ذات نشاط ميداني تبين لنا أن هذا الإجراء يؤدي إلى مشاكل خطيرة في المستقبل تؤثر على نفسية الطفل الذي يكتشف وهو في سن المراهقة أنه بلا أب".
ويؤكد المصدر ذاته أن جمعيته تدخلت السنة الماضية من أجل مساعدة فتاة تبلغ من العمر 14 سنة على تجاوز أزمتها النفسية، بعدما اكتشفت أنها تحمل اسم والدتها، ورفضت مواصلة الدراسة في متوسطة الحي الذي تسكنه.
ظاهرة بلا حدود
وترى المختصة في علم الاجتماع، فاطمة الزهراء فاسي، أن "الأرقام المتوفرة تشير إلى 5 آلاف طفل بلا اسم، كما أنه لا يمكن تحديد الظاهرة لأنها قد تقع في أي لحظة، وهي موجودة ومستمرة، بسبب الخطأ البشري المتواصل".
وتضيف فاطمة الزهراء فاسي لـ"أصوات مغاربية" أن المؤسسة "لا بد أن تلزم الأب بتحمل مسؤولياته تجاه الابن، بسلطة تشريعات رادعة تحمي حقوق الأم والطفل معا".
غموض في القوانين:
ويؤكد رئيس جمعية حماية الأحداث، سيدي علي لعبادي، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" أن "غياب تشريعات واضحة جعلت المسؤولية حول مصير الأمهات العازبات غير محدّدة".
ويضيف أن "منع توليد الأمهات العازبات في العيادات الخاصة كان له الأثر الإيجابي في الحد من التلاعب بهذا الملف، وكشف النقاب عن تسجيل الجمعيات لحالات اعترف فيها الآباء بمسؤوليتهم عن أبنائهم".
رفض للعقوبة والتهميش
من جانبه، يؤكد عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الجزائر، إدريس فاضلي، لـ"أصوات مغاربية" أن "الجزائر أولت عناية لملف الأمهات العازبات، وخصصت الجهات الوصية مراكز إيواء لهن، كما يتم التكفل بالأطفال في مراكز متخصصة".
ويعتبر ذات المتحدث أن "الظاهرة حديثة بالنسبة للمجتمع الجزائري، لكن رغم ذلك توجد نصوص قانونية واتفاقيات دولية تحترمها الجزائر، من خلال التعاطي الإيجابي والإنساني مع الظاهرة، وعلى مستوى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تم تكليف إحدى عضوات المجلس بمتابعة كافة التطورات الخاصة بملف الأمهات العازبات".
المصادر: أصوات مغاربية