من أجل حقهن في التشغيل، تركت عدد من النساء منازلهن وأسرهن وقدِمن من محافظة سيدي بوزيد إلى العاصمة تونس سيرا على الأقدام، معلنات تضحيتهن بكل شيء من أجل الحصول على شغل يضمن لهن حياة كريمة.
هن نساء منطقة "منزل بوزيان" بسيدي بوزيد، اللائي قررن خوض تحركات احتجاجية للمطالبة بالتشغيل، "حتى وإن كلفهن ذلك خسارة أسرهن".
وواجهت نساء "منزل بوزيان" مجموعة من الضغوطات، لكنهن عقدن العزم على مواصلة الاحتجاج في العاصمة، وعدم العودة إلى مدينتهن إلا "بعد الحصول على حلول رسمية واقعية بعيدا عن الوعود والخطابات".
ظروف اجتماعية صعبة
وأكدت آمنة الزويدي، منسقة "اعتصام الصمود" بمنزل بوزيان، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن مختلف المشاركات في "اعتصام منزل بوزيان" ينحدرن من أسر فقيرة ويعانين من ظروف اجتماعية صعبة.
وقالت آمنة "أنحدر من عائلة فقيرة بمنزل بوزيان بمحافظة سيدي بوزيد، تتكون من 7 أفراد. كنا نعيش في غرفة واحدة في ظروف قاسية وازدادت مأساتنا بعد طلاق والدي".
وتابعت آمنة "تزوجت وأكملت دراستي وتحصلت على الأستاذية، خلت أن ظروفي ستتحسن وسوف أتمكن من الحصول على العمل ومساعدة أمي وأخواتي، لكنها كانت مجرد أحلام وظروفي ازدادت سوءا".
شارك آمنة في هذا التحرك نحو العاصمة 10 نساء و7 رجال لذلك أطلق على احتجاجهم اسم "مسيرة السبعطاش 17".
مسيرة 17 اعتصام الصمودثورة المرأة منزل بوزيان
— امال عبد السلام (@amelabedessalem) August 2, 2017
المأساة واحدة
في نفس الصدد، قال المعتصمة راوية سعد، في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "نحن 6 إخوة لم يتحصل أي منا على عمل قار، ووالدي يعانيان من أمراض مزمنة وليس لدينا دفتر علاج".
وتابعت راوية: "نعيش في وضعية صعبة دفعتني إلى العمل في المزارع لكنني أصبحت عاجزة عن توفير أبسط مستلزمات الحياة، رغم أنني متحصلة على الإجازة في القانون".
من جهتها، ذكرت المعتصمة سميرة مسعود، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن والداها عجز عن توفير مستلزمات 8 أطفال "مما دفع أخي الكبير إلى التضحية والانقطاع عن الدراسة والبحث عن عمل لأتمكن أنا وأخواتي من تحصيل الشهادات".
وأضافت مسعود "حصلنا الشهادات العليا لكننا لم نتحصل على عمل يوفر لنا حياة كريمة ويعوض أخي عن تضحيته وتعبه".
مواجهة قضايا طلاق
ظروف اجتماعية صعبة دفعت بنات "منزل بوزيان" إلى ترك عائلاتهم والاعتصام في العاصمة لتحقيق مطلبهم الوحيد والمتمثل في التشغيل.
لكن أول ما جنته عدد من المعتصمات كان قضايا بالطلاق، رفعها عليهن أزواجهن بسبب مشاركتهن في التحرك الاحتجاجي.
وقالت منسقة الاعتصام، آمنة الزويدي: "زوجي رفع قضية طلاق لمجرد أنني صرخت وطالبت بحقي في الشغل".
لآمنة زويدي طفلان أحدهما اصطحبته معها عند قدومها إلى تونس ويرابط معها الآن في الاعتصام، في حين بقي ابنها الآخر في "منزل بوزيان" مع والده.
كما تواجه المعتصمة تركية طماري قضية طلاق أيضا ولنفس السبب وهو: مشاركتها في تحرك احتجاجي ومطالبتها بحقها في الشغل.
وأوضحت آمنة زويدي: "لم يعد لدينا ما نخسر، سنتمسك بمطلبنا لأننا دون شغل لن نتمكن من العيش ومن تربية أبنائنا".
مواصلة التفاوض
عقد المعتصمون بـ"منزل بوزيان" جلسة أولى مع وزير التشغيل ووزير الشؤون الاجتماعية تم فيها تقديم وعود بتسوية أوضاعهم وإيجاد حلول.
وكشفت منسقة الاعتصام أنه لم يتم إمضاء أي محضر جلسة أو اتفاق و"كان الأمر مجرد وعود".
ولمواصلة مسار التفاوض مع الحكومة تم تكوين لجنة مساندة للمعتصمين تتكون من ممثلين للمعتصمين ومن "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" التي مكنت المحتجين من مقرها للبقاء فيه خلال أيام اعتصامهم.
وأكد رئيس الرابطة، جمال مسلم، في تصريح لـ"أصوات ممغاربية"، أن الرابطة ساندت المعتصمين من منطلق "كونها منظمة حقوقية تساند كل تحرك اجتماعي سلمي".
وأشار مسلم إلى ارتفاع عدد التحركات الاجتماعية لتشمل عدة جهات والمطالب الأساسية "تتمثل في تحقيق التنمية الجهوية وتوفير مواطن الشغل".
وبخصوص التفاوض لحل ملف معتصمي "منزل بوزيان"، ذكر محدثنا أن لجنة المساندة اتصلت، اليوم الخميس 3 أغسطس، بوزير التكوين المهني والتشغيل ووعد بإيجاد حلول لـ50 بالمائة من الحالات في فترة لا تتجاوز يوم 15 من الشهر الجاري.
وأضاف رئيس الرابطة أن لجنة المساندة أرسلت جداول مفصلة تبين الوضعيات الاجتماعية لمعتصمي "منزل بوزيان" وأغلبهم نساء وأصحاب شهادات عليا ينحدرون من عائلات فقيرة.
المصدر: أصوات مغاربية