قبل أسابيع قليلة تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، على نحو واسع، ما يفيد ضبط مبلغ 17 مليون دولار في بيت أحد البرلمانيين، بعد اعتقاله على خلفية قضية رشوة، وقد انتقل الخبر من شبكات التواصل الاجتماعي إلى بعض وسائل الإعلام التي تداولته على أساس أنه "خبر صحيح" قبل أن يتبين لاحقا أن الأمر يتعلق بإشاعة.

​​أمس الخميس، تداول مجموعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، "خبرا" نسبة إلى منظمة الصحة العالمية يفيد تصنيف "العنوسة" كإعاقة، "خبر" انتشر كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي وأيضا في عدد من المواقع الإخبارية، قبل أن يتبين أن لا أساس له من الصحة.

​​في الحالتين استمر الكثيرون في تداول "الخبرين" رغم ثبوت عدم صحتهما، الأمر الذي يدفع إلى طرح عدد من التساؤلات حول دوافع اختلاق الإشاعات؟ ومدى إسهام وسائل التواصل الاجتماعي في انتشارها وتضخيمها؟ 

فقر معلوماتي

عن سبب تداول الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، أرجع الخبير الإعلامي، محمد بلغازي، ذلك إلى "غياب المعلومة أساسا".

وفسر بلغازي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أسباب الظاهرة بالقول إنه "حين نكون في مجتمع يعاني فقرا على مستوى المعلومة، وحين نكون في مجتمع حيث المعلومة تفصّل على مقاس أولئك الذين يقدمونها ومن يستقبلونها بغض النظر عن الساكنة، فإن هذه الأخيرة تلجأ أوتوماتيكيا إلى الإشاعة".

وحسب بلغازي، فإن الإشاعة، في حد ذاتها، كانت موجودة دائما في المجتمع وليست بالأمر الجديد، مبرزا أن "وسائل التواصل الحديثة وتحديدا شبكات التواصل الاجتماعي تسهم في توسيع دائرة انتشارها وتضخيمها".

​​نبتة متوحشة

من جانبه، اعتبر الخبير المتخصص في الإعلام، يحيى اليحياوي، أنه لا توجد علاقة بين غياب المعلومة واختلاق الإشاعة، وأبرز "أن هناك فرقا بين الإشاعات التي يتم إنتاجها دون أساس، والأخبار غير المؤكدة التي تأتي نتيجة للتعتيم على المعلومة".

وتابع اليحياوي موضحا، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "الناس يخلقون المعلومة من تلقاء أنفسهم ولكن ليس لغياب المعلومة الرسمية" مضيفا أن "الإشاعة تخلق كنبتة متوشحة في الطبيعة دون أن يكون لغياب المعلومة الرسمية يد في خلقها".

"الجانب الثاني هو التعتيم أي حين تتوفر المعلومة لدى الإدارة الرسمية ولا تكشف عنها وتدع الناس يتكهنون" يقول اليحياوي، الذي أكد أن  هذا أمر "يطرح إشكالات عديدة لها صلة بحق الوصول إلى المعلومة والحق في الإعلام والحق في التواصل"، وفي هذا المستوى يوضح اليحياوي أن "الصحافي قد يقدم معلومات غير دقيقة نتيجة للتعتيم".

​​معايير مختلفة

في الوقت الذي قد تعتمد بعض وسائل الإعلام على شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات وتنشر لما يروج فيها على أساس أنها معلومات صحيحة، يشدد الأستاذ في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط والخبير في علم اجتماع الإعلام والتواصل، عبد اللطيف بن صفية، على أنه "لا يمكن أن نطبق معايير العمل الإعلامي المهني الرصين على ما تتداوله شبكات التواصل الاجتماعي".

وأوضح بن صفية، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "شبكات التواصل الاجتماعي هي أدوات شعبية للتعبير الشعبي العفوي الذي لا يمكن إخضاعه للقواعد الإعلامية أخلاقيا ومهنيا"، مشددا على "ضرورة الفصل وعدم قياس درجة مهنية وسائل الإعلام على ما تتداوله شبكات التواصل الاجتماعي".

وبخصوص تداول وسائل إعلام مهنية أخبارا انطلاقا من المتداول في تلك الشبكات، شدد بن صفية على قاعدة أساسية في العمل الإعلامي تدخل في إطار ما يلتزم به الصحافي المهني في جميع الأحوال والأوضاع وتتمثل في "التأكد والتحقق من صحة المعلومات قبل نشرها". 

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة