دخل الوزير الأول الجزائري، عبد المجيد تبون، في عطلة سنوية كانت بدايتها يوم 3 أغسطس و تنتهي يوم 13 أغسطس2017، ليستريح من "الحرب المفتوحة" التي خاضها، منذ أن أعلن أمام المجلس الوطني الشعبي عن نهاية تدخل أصحاب المال في السياسة والشأن الحكومي.
هذه العبارة جلبت له صداعا سياسيا ازداد حدّة عقب المصافحة والمعانقة الحارتين بين السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس، ورئيس منتدى أرباب العمل علي حداد، أثناء تشييع جنازة رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك، ما أثار الشعور بوجود خلافات حادة بين الرئاسة و الوزير الأول بشأن طريقة التعاطي مع لوبي المال والنقابات في الجزائر.
عطلة أم عزلة؟
و في تداعيات قرار عبد المجيد تبون مواجهة اللوبي المالي في الجزائر، أظهر آلاف المؤيدين لتلك القرارات إعجابهم بسياسة الوزير الأول وتأييدهم المطلق له، حيث تم إنشاء صفحات، عبر منصات التفاعل الاجتماعي، تدعم سياسته وتدعوه إلى التضييق على، من يعتبرونهم، أنهم يرعون الفساد المالي والسياسي في الجزائر.
وبمجرد الإعلان عن دخول الوزير الأول في عطلة، سارع المدونون إلى نشر ذلك على صفحاتهم، نقلا عن الصفحة الرسمية للإذاعة الوطنية.
الوزير الأول عبد المجيد #تبون @tebboune_a في عطلة سنوية من 3 أوت الى 13 اوت 2017 pic.twitter.com/vfaoZcmc3L
— الإذاعة الجزائرية (@radioalgerie_ar) August 2, 2017
إلا أن بعض الصفحات تحدثت عن خروج الوزير الأول في عطلة مجهولة، في إشارة إلى إمكانية عدم عودته. بينما تحدثت صفحة "كلنا مع تبون"، التي ظهرت بعد إعلانه الحرب على رجال الأعمال، عن استقالة مرفوضة لتبون، إلا أن الساحة السياسية في الجزائر لا توحي بأي تأكيدات، وغالبا ما يتفاجأ الرأي العام بقرارات مخالفة لتوقعاته. في وقت تساءلت صفحة "خلي قلبك يحكي" عما إذا كان تبون في عطلة أم في عزلة؟
كيف سيعود تبون بعد العطلة؟
هل سيقال تبون بعد العطلة؟ أم يعود قويا حازما؟ أم ستضعفه الضغوطات؟ أسئلة طرحناها على الباحث في العلوم السياسية محمد باشوش، حيث أوضح بأن "العلاقة مباشرة في العموم بين الرئاسة و الوزير الأول، لكن دستوريا العلاقة بين الرئيس والوزير الأول واضحة، فهو من عينه، وهو من يقيله".
وبحسب هذا المحلل، فإن "ما حدث في مقبرة العاليه، هو تجاوز واضح لمنطق صلاحيات المؤسسات، فقد ظهر شقيق الرئيس بشكل بروتوكولي، واللافت في الظهور أن السعيد بوتفليقة استعمل بروتوكول رئيس الجمهورية، وهذا فيه استعراض واضح لقوته".
وحول المشهد المتوقع لما بعد عطلة الوزير الأول عبد المجيد تبون، يضيف المصدر ذاته لـ"أصوات مغاربية" أن "فكرة عدم عودة الوزير الأول تبون بعد العطلة واردة"، ثم يستطرد "التقرير الأخير لمجلس الشيوخ الفرنسي، في شقه الذي أكد عدم وجود ضغط قوي من الشارع على السلطة، قد يدفع لوبي أرباب العمل إلى الاستقواء أكثر".
وهنا أبرز المتحدث نقطة مهمة بالقول "لكن إقالة تبون ستكون خطأ قبيل الدخول الاجتماعي، والسؤال المطروح: هل سيعود تبون القوي الحازم، أم تبون التكنوقراطي الذي يعالج الملفات والمشاكل من وراء مكتبه؟"
رسائل سلبية للغرب:
وفي نفس السياق يرى المختص في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي أن "الجزائر تعيش استقرارا شكليا، لكن التعيينات المفاجئة، وعدم الاستقرار في الحكومة والوزارات يظهر أن هناك تذمرا على مستوى المؤسسات، وهذا بسبب الوضعية الصحية غير المريحة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وعدم الحسم في مستقبل خلافته".
ويضيف المتحدث لـ"أصوات مغاربية" أن "تشكيلة حكومة تبون، هي نسخة من حكومة الوزير الأول السابق عبد المالك سلال، مع فرق بسيط يكمن في سعي بعد الأطراف في السلطة، في وقت سابق، إلى تلميع صورة عبد المجيد تبون قبل خلافته لسلال، بتقليده وسام الاستحقاق الوطني بدرجة عشير، وتقديمه على أنه وراء حل أزمة السكن".
ومع ذلك، فإن الثابت، حسب محدث "أصوات مغاربية" أن " الأمور في الجزائر تبقى غامضة، ولم تمنع من ظهور اضطراب سياسي يعطي انطباعا سلبيا للدول الغربية، ما يجعلها تتساءل عن سبب الاضطراب!"
وعوض أن تدخل عطلة الوزير الأول الجزائريين في رتابة الساحة السياسية في فصل الصيف، زجت بهم في أتون سجال سياسي ساخن لن يتوقف إلا بعد انتهاء عطلته.
المصدر: أصوات مغاربية