الوزير الأول الجزائري عبد المجيد تبون
الوزير الأول الجزائري عبد المجيد تبون | Source: Courtesy Photo

أغرقت الحكومة الإدارة الجزائرية بمئات العمال ضمن صيغة الإدماج المهني، في محاولة لاحتواء غضب حملة الشهادات منذ 2008، وارتفعت حدّتها مع موجة الربيع التي اجتاحت العالم العربي مطلع عام 2011.

 وعجزت مختلف الإدارات العمومية عن احتواء العدد الهائل من هؤلاء الشباب، ضمن خطة محكمة للتوظيف أو التشغيل، ما أدى إلى فرار معظمهم، واكتفائهم بتلقي رواتب عل شكل منح تقدر بـ 50 دولارا في الشهر من الخزينة العمومية، نظرا لكثرة العرض وقلة الطلب.

بينما قامت قطاعات أخرى كالتربية والأشغال العمومية بتشغيل هؤلاء 8 ساعات عوضا عن 5 ساعات المنصوص عليها في القانون، و تكليفهم بضمان المناوبة.

الآلاف غائبون عن مناصب عملهم

وأوجد هذا الوضع فراغات وتناقضات كشفت عنها التحقيقات التي باشرتها وزارة العمل بشأن أزيد من 200 ألف عامل من الإدماج المهني، يتلقون رواتبهم من دون تأدية أي عمل، حسب ما كشفت عنه وسائل إعلام محلية، أشارت إلى أن التحقيق باشرته مفتشية العمل بالوزارة منذ الثاني يوليو 2017.

وتشير الأرقام، التي أعلنها وزير العمل أمام نواب البرلمان، إلى أن مليون و870 ألف شاب استفادوا من مناصب عمل دائمة ومؤقتة، من الفترة الممتدة ما بين 2008 إلى 2015، وذلك في سياق برنامج التشغيل المسمى "جهاز المساعدة على الإدماج وترقية الشغل في الجزائر".

وتؤكد أرقام الوزير أن حملة الشهادات الجامعية يمثلون 68 في المئة من مجموع هؤلاء.

'​​أصحاب المعارف' هم السبب

يرى رئيس النقابة الجزائرية لموظفي الإدارة العمومية لخضر عشوي، في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، أن "ظاهرة تلقي الرواتب دون الحضور موجودة لدى فئة المستفيدين من التشغيل في إطار الإدماج المهني، وأن 'أصحاب المعارف' هم من يقفون وراءها، إضافة إلى التعامل غير القانوني لبعض الإدارات مع هؤلاء الذين يتم تشغليهم 8 ساعات بدلا من 5 ساعات في اليوم".

ويؤكد لخضر عشوي أن نقابته ترفض "ظاهرة ترك المناصب في الإدارة"، لكنها تنبه في المقابل إلى "الفوضى التي تطبع تسيير ملف التشغيل المؤقت والدائم في إطار الإدماج المهنيين، بدليل أن البعض اشتغل في مناصب مؤقتة لعشر سنوات دون إدماجه في منصب دائم".

قانون أساسي يضبط النشاط المهني المؤقت

أما رئيس التنسيقية الوطنية لعمال الإدماج المهني والشبكة الاجتماعية عيسى عصماني، فيؤكد لـ"أصوات مغاربية" أن "الإشكالية توجد لدى الإدارة في حد ذاتها، لأن السلطة فتحت الباب أمام حملة الشهادات لإدماجهم في سوق العمل في محاولة لاحتوائهم، لأسباب سياسية".

ويشير المتحدث ذاته، الذي يناضل من أجل تقنين وضعية هذه الفئة من العمال، إلى أن "مديرية الثقافة مثلا وهي إدارة ليس لها دور كبير لديها 500 مدمج مهني. أما الجامعة فيشتغل فيها أكثر من ألفي عامل، وهذا ما يؤكد سوء توزيع هذه الفئة على الإدارات في بلادنا".

ويدعو رئيس التنسيقية الحكومة إلى إصدار قانون أساسي يضبط عمل هذه الفئة ضمن مشروع قانون العمل، والمساواة مع الموظفين في الحقوق والواجبات والمنح حتى يتم تدارك الفوضى المسجلة في عمل هؤلاء.

​​"عبودية" في الشغل

من جانب آخر، يرى النقابي والبرلماني مسعود عمراوي أن "هذه الفئة قدمت خدمات جليلة في قطاع التربية، لكنها في المقابل تتلقى منحة ضعيفة لا تخضع للضريبة من دون تأمين ولا تقاعد".

ويدعو مسعود عمراوي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، مفتشية العمل إلى "التحقيق في ظروف عمل هذه الفئة المستعبدة بقوانين مخالفة لقانون العمل"، مشيرا إلى أن قطاعات تعاني التخمة من عمال الإدماج المهني، وأخرى بحاجة إليهم، ما أدى إلى هذا الخلل، مطالبا الحكومة بـ"مراجعة نمط التشغيل بصيغة الإدماج المهني بما يحفظ حقوق الشباب، ويقضي على ظاهرة الغيابات".

​​وكان الوزير الأول عبد المجيد تبون، قد وعد خلال عرضه برنامج الحكومة بأنه تقرر دفع رواتبهم إلى غاية نهاية 2017، والمقدّرة بخمسة مليارات دينار بالموازاة مع توحيد منظومة الإدماج المهني.

​​

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة