"لم أكن أتخيل أن تلك الرقعة من الأرض سوف تمتلك جزءا من قلبي، لكن ذلك حدث!" هكذا بدأ المحامي الأميركي، "بيل دي"، حكاية عشق قديم للمغرب.
صمت "بيل" قليلا كأنه يسترجع صور تلك الثمانينات الغابرة عندما وصل إلى مدينة "أوطاط الحاج" (شرق المغرب)، وفي لحظة غير متوقعة نطق بلهجة أهل البلد: "مكنتش تنتخيل المغرب غيكون زوين هكذا والناس ظريفين بزاف".
يتذكر "بيل دي"، الذي يعتبر اليوم من أشهر المحامين الذين يرافعون في قضايا مرتبطة بالحقوق المدنية وحقوق العمال في أميركا، عندما وصل مدينة "أوطاط الحاج" عام 1988، قائلا:"كنت مبعوثا من طرف هيئة السلام الأميركية لتدريس التلاميذ الإنجليزية.. أتذكر ذلك النهر الذي كان يقسم أوطاط الحاج إلى جزأين، وأتذكر بيوت الطوب".
يقول بيل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "الدفء الذي شعر به في المغرب بين سكان مدينة أوطاط الحاج، لم يجده حتى في بلده الأم أميركا"، يصمت هذا الأميركي مرة، وكأنه يريد استرجاع بقايا صور من زمن مضى.
ويستطرد قائلا: "التكافل الاجتماعي الذي يجمع سكان تلك القرية لم أجده في أي مكان آخر حول العالم".
تهجم الذكريات على بيل الآن، وتهجم عليه، أيضا، الدارجة المغربية فيقول بكلمات أبناء المنطقة: "كنت بحال وسط عائلتي، الناس كانوا كرام، وكنت كنحس راسي واحد منهم.. تما كليت أحسن ماكلة وسمعت أحسن موسيقى".
هنا يبتسم ابتسامة غريبة، كأنه الحنين يخرج دفعة واحدة: "صنعت صداقات ما تزال مستمرة إلى اليوم، وحبي لموسيقى كناوة لم يتوقف يوما".
يقول "بيل" إنه تعلم الدارجة والأمازيغية "مضطرا للتواصل مع المغاربة".
ويضيف: "أحببت أهل القَرْيَة كثيرا، وكان السبيل الوحيد لمعرفتهم أكثر والتقرب منهم هو تعلم الدارجة وحتى الأمازيغية تعلمت بعض مفرداتها مثل: أمان (الماء)، أغروم (الخبز)، تاربات (البنت)، وهي كلمات قال لي سكان القرية إنها الكلمات الأهم في الأمازيغية".
المصدر: أصوات مغاربية