باجي قايد السبسي
باجي قايد السبسي

شغلت مقترحات رئيس الجمهورية التونسية، الباجي قائد السبسي، التي قدمها في خطابه بمناسبة عيد المرأة يوم 13 أغسطس الجاري، الرأي العام التونسي بمختلف مكوناته، وانقسمت المواقف بين مؤيد ورافض للمساواة في الإرث والسماح بزواج التونسيات بأجنبي غير مسلم.

وارتفعت حدة الجدل الدائر حول هذين المقترحان بعد إصدار ديوان الإفتاء بيانا أكد فيه سعي رئيس الجمهورية إلى "تكريس المساواة بين المرأة والرجل وتدعيم مكاسب المرأة التي نص عليها الدين الإسلامي والمواثيق الدولية".

وبعيدا عن مضمون المقترحات وموقف مفتي الجمهورية منها، يبقى السؤال الذي تردد بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي هو: لماذا تطرق السبسي الآن إلى مواضيع جدلية مثل الإرث والزواج بأجنبي؟

​​مشروع إصلاحي

جاءت مقترحات رئيس الجمهورية بخصوص السعي إلى إقرار المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة والدعوة إلى إلغاء المنشور 73 المتعلق بمنع زواج التونسية من أجنبي غير مسلم، في خطاب ألقاه بمناسبة مرور 61 سنة على إصدار مجلة الأحوال الشخصية وعيد المرأة.

ورأى عضو المكتب السياسي لـ"حركة النهضة"، محمد القوماني، "أن مقترحات رئيس الجمهورية تتنزل في إطار الاحتفال بعيد المرأة والسعي إلى تطوير مجلة الأحوال الشخصية، وهي مواضيع أثارت الجدل قبل الثورة وبعدها".

​​وذكر القوماني، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الدعوة إلى المساواة في الإرث وزواج التونسيات بالأجانب من "المواضيع الواقعية والجدلية في عدة أوساط خاصة الحقوقية".

من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، صلاح الدين الجورشي، أن "ما طرحه السبسي في خطابه ينسجم مع تكوينه وتمسكه بالمشروع الإصلاحي الذي عرفته تونس منذ مئة سنة".

ويعد هذا المشروع الإصلاحي مرتبطا، وفق الجورشي، بمسار الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة و"السبسي يشعر بأنه بديل عنه ويسعى في حدود إمكانياته إلى إتمام ما توقف عنه بورقيبة في موضوع المرأة".

​​وبخصوص الجدل المثار حول المقترحات، أكد الجورشي أن رئيس الجمهورية "يعلم أن هذه الدعوات التي أطلقها ليست سهلة وستثير النقاش".

وتابع الجورشي قائلا: "ما أقدم عليه مهم من الناحية السياسية وله الفضل في فتح المجال لنقاش وطني واسع تتعزز من خلاله حقوق المرأة سواء كان في الميراث أو تعزيز حقوقها الاقتصادية والاجتماعية".

ليس من الأولويات

خلافا لما ذهب إليه الكاتب صلاح الدين الجورشي، رأى رئيس مركز الإسلام والديمقراطية، رضوان المصمودي، أن موضوع المساواة في الإرث والزواج بالأجانب "ليس من أولويات الشعب التونسي في الفترة الحالية".

​​وقال المصمودي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إنه "كان من الأجدر الحديث عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ومكافحة الفساد والبطالة والفقر عوض الحديث عن المساواة في الإرث وجعله موضوع الساعة".

واعتبر محدثنا أن المساواة في الإرث "موضوع نظري فلسفي يحتاج نقاشا طويلا ومعمقا بين علماء الاجتماع ودار الإفتاء والفقهاء وليس للدولة المدنية الحق في التدخل في الشأن الديني".

​​وحول دوافع طرح مثل هذه المواضيع، قال المصمودي "ظنوا أن هذه المقترحات ستزيد من شعبية حزب نداء تونس لكنني أعتقد أنها ستضره لأنها مواضيع ليست ذات أولوية".

الأجندة الانتخابية

رغم إقرار عضو "حركة النهضة"، محمد القوماني، بأهمية مقترحات رئيس الجمهورية إلا أنه لم يستبعد، خلال حديثه مع "أصوات مغاربية"، العمل على "الأجندة الانتخابية"، سواء الانتخابات البلدية التي ستنظم آخر السنة أو الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، عند إثارة هذه المواضيع المتعلقة بالمرأة "خاصة وأن الكتلة الانتخابية النسائية محل تنازع بين مختلف الأطراف" وفق تقديره.

​​وتحدث القوماني عن جملة من "الملابسات السياسية" التي رافقت إعلان رئيس الجمهورية عن مقترحاته من أهمها "نوعية الحضور الذي تم استضافته عند إلقاء الخطاب والذي يعكس، وفق محدثنا، "انحياز رئيس الجمهورية لجزء معين من النخبة التونسية".

كما انتقد القوماني "لجنة الحريات الفردية والمساواة" التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، قائلا: "لجنة أحادية تضمنت شخصيات تمثل تيارا فكريا دون آخر".

​​​​ومن "الملابسات" الأخرى التي "أضعفت المقترحات"، ذكر محدثنا "عدم تنوع النساء المكرمات من قبل الرئيس وعدم تنسيقه مع مؤسسة الإفتاء والجهات التي من شأنها احتضان مقترحاته".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة