دأبت الأجهزة الأمنية والعسكرية في تونس في الآونة الأخيرة على إعلان تحقيقها لعدد من الانتصارات على الجماعات المتشددة عبر تفكيك الخلايا النائمة، أو إلقاء القبض على متورطين في أعمال إرهابية أو إحباط عدد من تلك العمليات.
وأعلنت السلطات نهاية الأسبوع الماضي، عبر الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، سفيان السليطي، عن إحباط الأجهزة التونسية لـ "مخطط إرهابي كبير" بالجنوب التونسي.
وقال المتحدث لوكالة الأنباء التونسية الرسمية "إن القائمين على المخطط كانوا يهدفون إلى إرسال عدد من الشباب المتحمس "للقتال" في ليبيا، إلى جانب التخطيط لتهريب عناصر إرهابية في الخارج إلى تونس بهدف القيام بعملية نوعية"
وعن مضمون هذا المخطط، كشف المصدر ذاته أنه كان "يستهدف مقرات أمنية وعسكرية والاستثمار في الاضطرابات الاجتماعية في بعض مناطق الجنوب التونسي"
وأقدمت عناصر متشددة، في 7 مارس 2016، على مهاجمة منشآت أمنية لإقامة "إمارة" تتبع تنظيم داعش، كما قالت السلطات.
ويرجع محللون أمنيون وعسكريون تحقيق هذه النقلة النوعية في الحرب على الإرهاب إلى عدة عوامل، لعل أهمها تعزيز التعاون الاستخباراتي مع دول المنطقة وتشكل إرادة سياسية حقيقية في هذا المجال، علاوة على تكثيف التسلح لدعم أسطول القوات التونسية.
الإرادة السياسية
تؤكد رئيسة مركز الدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، بدرة قعلول، في تصريح لـ "أصوات مغاربية" على أن "تونس شهدت، منذ العام 2016، نقلة نوعية في محاربة التطرف، بعد إدراك السلطات للخطر الحقيقي الذي بات يحدق بالدولة، إثر وقوع عدد من العمليات الإرهابية".
وتشير المتحدثة إلى تشكل إرادة سياسية قوية في هذا المجال، بعدما استفادت السلطات التونسية من دعم شعبي واسع ومساندة مطلقة من مؤسسات المجتمع المدني.
من جهته يشير الخبير الأمني، على الزرمديني، في تصريح لـ "أصوات مغاربية" إلى "وجود إرادة سياسية قوية أصبحت تنظر إلى الإرهاب النظرة التي تستحق، وذلك بعد فترة من الارتباك وعدم إدراك الخطر الحقيقي الذي كان يهدد البلاد".
وصادق البرلمان التونسي، في يوليو 2015، على قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، وهو تشريع مثل لفترة طويلة مطلبا ملحا للأمنيين والعسكريين، على خلفية أهميته في ردع ظاهرة التشدد في تونس.
كما ينتظر الأمنيون من النواب في الوقت الراهن الموافقة على "مشروع قانون لزجر الاعتداءات على القوات المسلحة"، الذي يثير جدلا واسعا وتعتبره منظمات حقوقية غير دستوري.
التسلح لمواجهة التشدد
تشير قعلول إلى الأهمية البالغة لسياسة التسلح التي تقدم عليها السلطات التونسية، والموجهة أساسا لمحاربة الإرهاب، عبر دعم الأسطول البحري والجوي والأرضي للأجهزة الأمنية والعسكرية، خاصة وأن تونس عقدت صفقات مع دول متقدمة في هذا المجال، على غرار الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية.
من جانبه يقول الخبير الأمني، مازن الشريف لـ" أصوات مغاربية" إن "عمليات التسلح الأخيرة التي أقدمت عليها السلطات ساهمت في تحسن الأداء الأمني ومكنت تونس من تفادي كوارث، على غرار عملية سيدي علي بون عون في محافظة سيدي بوزيد وسط البلاد، والتي تكبدت فيها الدولة خسائر في الأرواح".
التعاون الاستخباراتي
تذكر رئيسة مركز الدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، بدرة قعلول، أن تونس عززت تعاونها الاستخباراتي مع دول الجوار التي ترتبط معها بحدود مشتركة ودول بعيدة، على غرار الولايات المتحدة الأميركية.
وتقول "إن تونس ترتبط بالعديد من الاتفاقات الدولية في هذا المجال، وهي اتفاقات مهمة في مجالات الرصد والمتابعة وتجفيف منابع التمويل وغيرها".
من جهته يقول الخبير مازن الشريف إن "تونس ليست بمعزل عن بقية دول العالم، و بالتالي فقد عززت تعاونها الاستخباراتي مع دول عديدة، إذ تحتاج معظم الدول لمثل هذا التعاون، على اعتبار أن جيوشها وقواتها تواجه حروبا وتكتيكات جديدة تتطلب تعاونا دوليا كبيرا".
ومنحت الولايات المتحدة الأميركية، في مايو 2015، تونس صفة عضو حليف أساسي خارج حلف الناتو، وتؤكد السلطات التونسية أهمية هذه الشراكة في تعزيز جهود محاربة الإرهاب.
المصدر: أصوات مغاربية