أعادت أعمال العنف التي شهدتها مدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا يوم السبت 12 أغسطس 2017 وأدت إلى مقتل امرأة وإصابة 19 شخصا، الجدل حول تماثيل الكونفدرالية مع مطالبة كثيرين بإزالتها لأنها "تذكر بالعبودية والعنصرية"، وتأكيد آخرين أن تاريخ البلاد لا ينبغي محوه.
الكونفدرالية والحرب الأهلية
ويربط معظم الناس بين الكونفدرالية والحرب الأهلية (1861-1865)، حين حاولت الولايات الجنوبية الانفصال عن الولايات المتحدة لسببين رئيسيين هما العبودية وحقوق الولايات، وفق مؤرخين.
واعتمد اقتصاد الجنوب على عمالة العبيد، فخلق وصول أبراهام لينكولن إلى البيت الأبيض في مارس 1861 بالإضافة إلى وجود تحركات في الكونغرس لوقف انتشار العبودية، أزمة للولايات الجنوبية.
الأسباب التي أدت إلى الحرب الأهلية موضع جدل آخر في المجتمع الأميركي. فقد كشف استطلاع أجراه معهد بيو للأبحاث في 2011 عدم وجود إجماع في صفوف الأميركيين حول دوافع الحرب. لكن 48 في المئة من المشاركين قالوا إن السبب الرئيسي هو حقوق الولايات التي كانت تختلف مع الحكومة المركزية، فيما قال 38 في المئة إن العبودية كانت هي السبب الرئيسي. ورأى تسعة في المئة أن السببين متساويان.
13 ألف تمثال ورمز كونفدالي في البلاد
وبحسب موقع سليت يوجد حوالي 13 ألف تمثال ورمز كونفدرالي في الولايات المتحدة بينها 10 على الأقل داخل مبنى الكونغرس في واشنطن.
ومسموح لكل ولاية أميركية أن يكون لها تمثالان في الكونغرس، وهناك شخصيات كونفدرالية ضمن المجموعة. وهذه التماثيل موزعة في مناطق مختلفة بينها تمثال للرئيس الكونفدرالي جيفرسون ديفيس ونائب الرئيس ألكزاندر ستيفنز فضلا عن تمثال لروبرت إدوارد لي وغيره من القادة العسكريين الجنوبيين.
تحركات لإزالتها
ودعت زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي رئيس المجلس بول رايان إلى الانضمام إلى الديموقراطيين ودعم مشروع قانون لإزالة تلك التماثيل.
ولا يمكن إقرار الإجراء من دون دعم الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلسي الكونغرس.
وقالت بيلوسي إن "التماثيل في الكونغرس يجب أن تجسد أسمى القيم الأميركية، وتعبر عمن نحن وما نتطلع إليه كوطن"، معتبرة أن تماثيل الكونفدرالية "مخزية".
وبعد أحداث شارلوتسفيل دعا مشرعون إلى إزالة تماثيل جنرالات الكونفدرالية من مدنهم. وقد بدأت العديد من المدن الأميركية إزالة تماثيل من شوارعها بينها بالتيمور في ولاية ميريلاند.
ترامب: تاريخنا يمزق
وعلق الرئيس دونالد ترامب على الجدل قائلا إن التاريخ الأميركي "يمزق" عبر سحب تماثيل شخصيات الجنوب. وكتب على تويتر "محزن أن نرى تاريخ وثقافة بلدنا العظيم يمزقان عبر سحب تماثيلنا ونصبنا الرائعة". وقال "لا يمكن تغيير التاريخ لكن نستطيع التعلم منه"، متسائلا عن التماثيل التي ستزال بعد التخلص من رموز الجنوب، "من التالي؟ جفرسون، واشنطن؟"
62 في المئة من الأميركيين يريدون بقاءها
وكشف استطلاع للرأي أجرته الإذاعة الوطنية العامة (NPR) ومؤسسة ماريست أن غالبية الأميركيين يريدون الإبقاء على تماثيل الكونفدرالية في مكانها تكريما للقادة الجنوبيين الذين سقطوا في ساحات المعارك.
وشارك في الاستطلاع الذي أجري ما بين 14 و15 آب/أغسطس الجاري 1125 أميركيا، قال 62 في المئة منهم إنهم يريدون بقاء التماثيل، فيما قال 27 في المئة إنهم يريدون إزالتها.
من هو روبرت لي؟
مواجهات شارلوتسفيل وقعت خلال مظاهرة دعت إليها جماعات يمينية متطرفة احتجاجا على تغيير اسم حديقة كانت تحمل اسم القائد العسكري الكونفدرالي الذي قاد جيش الجنوب خلال الحرب الأهلية الأميركية روبرت إدوارد لي إلى "حديقة إمانسبيشن"، إلى جانب إزالة تمثال له يعود لعام 1924.
وإعلان إمانسبيشن هو إعلان رئاسي وأمر تنفيذي أصدره الرئيس أبراهام لينكولن في الأول من يناير 1863 تم بموجبه تغيير الوضع القانوني الفدرالي لأكثر من ثلاثة ملايين شخص في الجنوب من عبيد إلى أحرار.
وأصبح لي رمزا بطوليا لمحاولة انفصال الجنوب التي فشلت.
تغيير ديموغرافي
وفيما وضعت نصب تذكارية لروبرت لي وأطلق اسمه على العديد من المدارس والشوارع في القرن الـ20، أصبحت الآن هذه التماثيل تحت المجهر وسط التغيير الديموغرافي الذي تشهده البلاد، وفق وكالة أسوشييتد برس.
وفاز جيش لي في العديد من المعارك، لكنه هزم في معركة غيتيزبورغ الشهيرة بولاية بنسلفانيا على يد الميجر جنرال جورج ميد، ثم استسلم لقوات الاتحاد في فرجينيا في التاسع من أبريل 1865.
وبعد هزيمة الجنوب قاوم لي جهودا لبناء نصب تذكارية كونفدرالية على شرفه وأراد في المقابل بدء صفحة جديدة بعد الحرب.
وتوفي لي بعد خمس سنوات على انتهاء الحرب الأهلية. وحضر جنازته شخصيات بارزة من الشمال.
متى بدأ وضع النصب؟
في الـ25 عاما الأولى التي تلت الحرب الأهلية، لم يتم وضع نصب كثيرة لأن الاقتصاد والنظام الاجتماعي كانا مدمرين.
لكن في أواخر القرن الـ19 وبداية القرن الـ20، بدأت جماعات مثل اتحاد بنات الكونفدرالية وأبناء محاربي الكونفدرالية القدامى، بناء نصب تذكارية تروج لفكرة "الهدف الضائع".
المصدر: وسائل إعلام أميركية