الباحث عدّة فلاّحي
الباحث عدّة فلاّحي | Source: Courtesy Photo

أدانت "منظمة العفو الدولية" تضييق السلطات الجزائرية على الأقليات بالبلاد وفرض قيود على الحق في التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع والعقيدة.

وقالت "أمنستي"، في آخر تقاريرها حول الموضوع، إن السلطات "استهدفت أفراد الطائفة الإسلامية الأحمدية، فقبضت على ما يزيد عن 50 منهم في ولايتي البليدة وسكيكدة، ومناطق أخرى من البلاد، بسبب عقيدتهم".

في هذا الحوار، يحاول الباحث في الإسلاميات والمستشار الإعلامي السابق بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، عدّة فلاحي، تقديم الصورة الحقيقية لوضع الأقليات الدينية في الجزائر وعلى رأسهم أتباع الطائفة الأحمدية والشيعة..

ما مدى صحة الاتهامات الموجهة للجزائر من طرف العفو الدولية بخصوص التضييق على الأقليات؟

المشكلة هي أن مؤسساتنا لا تحسن إدارة ملف الأقليات وحقوق الإنسان فتظهر أمام الرأي العام بمظهر الجاني أو المتهم كما حدث لوزير الشؤون الدينية والأوقاف الذي وقع في تذبذب في تعامله مع ملف الأحمدية، فمرة يقول إن طابعه أمنى قانوني، ومرات يقول إنها طائفة تزرع البلبلة والشك في عقيدة المجتمع، ويطلب من الأئمة مواجهتها على أساس أنهم جماعة مارقة وضالة.

أعتقد أن رفض الوزير الحوار مع الأحمديين أظهره بمظهر المتعسف، الذي وقع رهينة التيار السلفي الوهابي، هذا الأخير الذي خلق حالة من التخويف والتهويل من الطائفة الأحمدية في الجزائر.

وما هو الحل في نظرك لهذا الوضع ؟

بالنسبة لي المخرج من هذه الوضعية هو نص قانوني ينظم الشعائر الدينية للمسلمين حتى نقطع الطريق على كل من يريد أن يستثمر في هذا

مؤسساتنا لا تحسن إدارة ملف الأقليات وحقوق الإنسان

​​الملف، ولكن يجب، على كل حال، التفريق بين حرية المعتقد المكفولة دستوريا وبين الشعائر الدينية التي يضبطها القانون.

على وزارة الشؤون الدينية تنظيم ندوات على مستوى الولايات لتوعية المواطن بالفروق الشرعية والقانونية بين حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، التي للأسف التبست حتى على بعض النخب المتعلمة والمثقفة.

أتباع للطائفة الأحمدية في بريطانيا
أتباع للطائفة الأحمدية في بريطانيا

هل هناك بوادر لتحسين وضع الأقليات الدينية في الجزائر؟

من الصعب أن نشهد بوادر لتحسين مناخ حرية المعتقد بالجزائر، بل وحتى حرية التمذهب، لأن هيمنة التيار السلفي - العدو اللذوذ لكل ما له علاقة بالحريّات- لا تسمح بذلك.

يبدو أن السلطة لا تريد أن تغضب السلفيين لأن هناك مقايضة

السلطة تسمح للتيار السلفي بالتحرك وفرض أيديولوجيته بالإكراه

​فكرية ومصلحية بين الطرفين.

السلطة تسمح للتيار السلفي بالتحرك وفرض أيديولوجيته بالإكراه والتهديد مقابل تكريس قاعدة "وجوب طاعة الحاكم وعدم الخروج عليه"، وهذا يتناقض مع التشريع الإسلامي القائم على حرية الاختيار وفق الشروط التي يحددها العقد الاجتماعي، وبالتالي موافقة السلطة على ذلك يجعل منها أول من يخرق الدستور.

ماذا تقترح على الدولة حتى تخرج من دائرة الدول المحاصرة لحرية المعتقد؟

المشكل المطروح بعمق هو مفهوم الحريات، فلحد الآن لم نبلغ بعد حرية الممارسة السياسية وهذا ينعكس على الحريات الأساسية الأخرى كحرية الفكر والإعلام وحرية المعتقد والتمذهب.

أعتقد أننا لا يمكن أن نصل إلى الوعي بتأصيل تلك الحريات إلا بالنضال والتضحية ثم يأتي القانون والتشريع ليؤطر وينظم المسألة.

غياب النخبة عن المشهد زاد من تأزم الوضع، فالخوف يسكن الجميع.. هناك توجس من الآخر ومن الانفتاح ومن الحوار، وهناك خوف من التجديد والإصلاح عموما.

كيف تقرأ إغفال المشرع الجزائري (سلسلة الدساتير المعدلة) لمبدأ حرية المعتقد والممارسة الدينية؟

المشرع الجزائري لم يغفل التنصيص والإشارة لحرية المعتقد، بالخصوص في وثيقة الدستور الأخيرة، لكن الإشكال في الممارسة والتطبيق

 كثير من رجال الدولة ورجال الدين والأئمة وجموع المواطنين لا يؤمنون بهذه القيم، وهذا ما يصعب من مهمة تطبيق مبدأ حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية.

اقترحت منذ زمن اعتماد نص تشريعي يؤطر ممارسة الشعائر الدينية للمسلمين كما قمنا بذلك سابقا وأصدرنا أمرية سنة 2006 حول ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة