تعالت في الآونة الأخيرة نداءات تدعو الجيش للتدخل وفق المهام المنوطة به لحماية الدستور، وجاءت تلك النداءات على خلفية الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة، ما أدى ببعض الناشطين وقوى سياسية أخرى إلى الدعوة لتطبيق المادة 102 من الدستور التي تخول تنحية الرئيس، بعد إثبات عجزه عن أداء مهامه الرئاسية.
ورد قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق قايد صالح بشكل مباشر على تلك الدعوات، عندما أكد على أن "الجيش لن يحيد عن أداء مهامه الدستورية".
وشدّد قائد الأركان في كلمة ألقاها أثناء الزيارة التي قادته إلى الناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة، شرق الجزائر، على أن الجيش سيظل "جيشا جمهوريا، ملتزما بالدفاع عن السيادة الوطنية وحرمة التراب الوطني، حافظا للاستقلال ".
تفسيران للمهام الدستورية
ويأتي رد قاد الأركان الفريق قايد صالح في ظرف يتسم بتصاعد وتيرة المطالب التي تدعو المؤسسة العسكرية إلى التدخل والحسم في مسألة قدرة الرئيس على التسيير، "وهو تصريح قد يحتمل تفسيرين في كلمة قائد الأركان قايد صالح" يؤكد المحلل السياسي، أحمد شوتري.
وأضاف المتحدث لـ"أصوات مغاربية"، أن "مهام الجيش الوطني الشعبي واضحة في الدستور، والقراءة الأولى في كلمة قائد الأركان قايد صالح، أن يترك الجيش المهام القانونية للمؤسسات الأخرى مثل المجلس الدستوري وغيره"
أما القراءة الثانية، حسب المصدر ذاته، فقد "تعني أن الجيش سيتولى مهامه الدستورية على ضوء الحالة الصحية للرئيس، ومهام الجيش واضحة فهو يتدخل في حالة الفوضى وإخلال المؤسسات بالدستور".
مناورة
لكن بالنسبة للخبير الأمني، أحمد ميزاب، فإن النظرة مختلفة تماما، لأن طبيعة المهام الدستورية للجيش واضحة وهي "تلك التي تنصّ عليها القوانين الخاصة بالدفاع عن سلامة التراب الوطني، واستقرار المؤسسات، والتصدي لأي عدوان خارجي، أو ما يهدد الاستقرار بصفة عامة".
ويعتقد أحمد ميزاب في تصريح لـ " أصوات مغاربية " أن الجيش " أراد إزاحة اللغط الحاصل هذه الأيام بين أطراف في الداخل والخارج، في محاولة لإقحامه في القضايا السياسية، رغم أن مهامه واضحة، وهو يعي الرهانات والتحديات، و يخضع لعملية تكوين وتطوير لقدراته على مختلف الأصعدة،ولن ينساق وراء أي مناورة من هذا النوع".
وبعكس هذا، يرى الضابط السابق في الاستخبارات الجزائرية، العقيد محمد خلفاوي، أن “كل جيوش العالم لديها مهام دستورية واضحة، و السياسيون الذين صرحوا، طالبوا بأن يتدخل الجيش وفق تلك المهام في حماية مؤسسات الدولة، بعد إجراء عملية تقييم للنظام السياسي في الجزائر من الاستقلال إلى يومنا هذا، بعدما أصبح مسؤولا عن سياسة النظام دون أن يمارسها".
ندوة وطنية للخروج من الأزمة
ويوضّح الضابط خلفاوي أن "الجميع حريص على وحدة التراب الوطني وحقن الدماء وحفظ الاستقرار، لذلك ندعو إلى مؤتمر أو ندوة وطنية تشارك فيها كافة القوى السياسية، مهمتها وضع الإطار الذي نذهب به نحو الانتخابات الرئاسية 2019 ، طبعا لتفادي أي مؤامرة تؤدي إلى الانقسام".
ويرى محمد خلفاوي أن "الرئيس هو من فتح العهدات الرئاسية في التعديل الدستوري، وهو من أعاد تحديدها في آخر تعديل، وهذا في حد ذاته يتطلب التدخل لحماية الدستور في إطار هادئ".
وإذا كانت دعوات تدخل الجيش لازالت تتعالى، فإن التوافق السياسي الحاصل لدى أصحاب القرار في الجزائر بين مؤسسة الرئاسة والجيش يجعل من الصعب أن تنقلب المؤسسة العسكرية على حليفها في الرئاسة، خصوصا وأن التعيينات وإنهاء المهام والتحويلات والترقيات بيد القائد الأعلى للجيش، ممثلا في شخص الرئيس.
المصدر: أصوات مغاربية