يعيش بشير متنقلا من شارع إلى آخر ومن زقاق إلى آخر ..على مقربة من "مستشفى شارنيكول" بالعاصمة تونس. تفتك ليالي الشتاء الباردة بجسده المنهك وتزيده حرارة الصيف المرتفعة وهنا.
هذا الشيخ الضرير الذي يتلمس بعصاه البيضاء ثنايا الحياة صار منذ سنوات دون مأوى قار.
حال بشير كحال غيره من مئات التونسيين الذين يتخذون من عتبات المساجد والوزارات والفضاءات التجارية الكبرى بوسط العاصمة بيوتا مؤقتة في زمن التشرد.
مئات المشردين في الشوارع
لا توجد إحصاءات رسمية في تونس حول عدد المشردين، إلا أن رئيسة جمعية "دار تونس"، روضة السمراني، تقدر بأكثر من 3000 شخص في كل أنحاء البلاد، 30 في المائة منهم نساء.
وبشأن المعدلات العمرية لهؤلاء الأشخاص تقول السمراني، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن "أعمار المستهدفة بتدخلاتنا هي ما بين 3 أشهر وشيخ يفوق عمره الـ80 سنة".
وتعتبر رئيسة "دار تونس" أن ارتفاع معدلات المشردين يعود إلى "توسع دائرة الفقر في السنوات الأخيرة، علاوة على المشاكل الاجتماعية ومن بينها الإنجاب خارج مؤسسة الزواج".
جهد خيري
في تصريح لـ "أصوات مغاربية" أكد رئيس "الجمعية التونسية للأنشطة الخيرية"، معز بوخريص، معاينته لمئات الحالات في شوارع العاصمة تونس.
ويقول بوخريص إنه بدأ نشاطه الخيري في مساعدة المشردين منذ العام 2006 برفقة عدد من أصدقائه قبل أن يؤسس الجمعية.
وعن مجالات تدخل الجمعية يقول بوخريص: "ننظم جولات ليلية أسبوعيا، نحاول خلالها، بإمكانياتنا الذاتية، توفير مساعدات عينية من بينها وجبات غذائية وأدوية، إضافة إلى تأمين بعض التدخلات الطبية العاجلة ".
ويؤكد بوخريص: "نحن نعتمد على المساعدات المتأتية من قبل بعض التونسيين.. ومؤخرا منحتنا سيدة تونسية مصابة بالسرطان منزلا للمساعدة في إيواء المشردين".
تدخل محدود للدولة
ولمعالجة الظاهرة، بعثت الدولة التونسية 3 مراكز للعناية بهذه الفئة الاجتماعية، غير أن هذه الخطوات تحتاج في نظر الناشطة روضة السمراني إلى بذل مجهودات إضافية لاحتواء الظاهرة.
وتطلق الدولة على المؤسسات التي تعنى بفئة المشردين في تونس تسمية "مراكز الإحاطة والتوجيه الاجتماعي".
وتتمثل مهامها، بحسب الموقع الرسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية، في توفير الإقامة الظرفية والرعاية الغذائية والطبية إلى جانب تقديم الدعم القانوني لدى الهياكل القضائية علاوة على تنظيم أنشطة ترفيهية وثقافية.
وتتراوح طاقة الاستيعاب اليومية لمراكز الإحاطة والتوجيه الاجتماعي بتونس بين 30 و50 شخصا، لكن جزء كبيرا من المشردين لا يتوجهون إليها بسبب عدم معرفتهم بعناوين مقراتها.
وتعليقا على ذلك تؤكد السمراني أن هذه المراكز يتم استغلالها لإيواء فئات أخرى على غرار الأمهات العازبات وغيرها من الفئات المتضررة.
المصدر: أصوات مغاربية