الرئيس الأميركي جون كندي رفقة الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في أول زيارة لهذا الأخير إلى أميركا
الرئيس الأميركي جون كندي رفقة الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في أول زيارة لهذا الأخير إلى أميركا

يحرص المسؤولون التونسيون، مع اندلاع كل أزمة في المحيط الإقليمي أو العربي، على التذكير بسياسة الحياد التي تقوم عليها الدبلوماسية التونسية منذ إنشائها.

وعلى الرغم من اتخاذ تونس لبعض المواقف الداعمة لطرف على حساب آخر، في بعض الخلافات بين دول عربية في العقود الماضية، إلا أن تلك المواقف تبقى "استثناءات" عن القاعدة العامة.

​​حياد تاريخي

"ترتكز الدبلوماسية التونسية على مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير، و التمسك دائما بقرارات الشرعية الدولية" يؤكد الخبير الدبلوماسي، عبد الله العبيدي، في قراءته التاريخية لثوابت الدبلوماسية التونسية.

ويوضح العبيدي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه "في العقود الماضية التزمت تونس الحياد فكان لنا حلفاء من المعسكرين الشرقي والغربي، في الوقت الذي كانت فيه دول عربية منحازة بشكل مطلق لأحد المعسكرين".

ويشير المصدر ذاته إلى أنه "بفضل هذا الحياد استطاعت تونس جلب استثمارات من الطرفين في خطوة تراعي مصالح الدولة التونسية".

انحياز عن الثوابت

اتخذت تونس في السنوات الأخيرة مواقف وصفها الخبير الديبلوماسي، عبدالله العبيدي، بـ"المنحازة"، واستطرد قائلا: "في الأعوام الماضية حادت تونس عن ثوابتها الدبلوماسية من خلال الانضمام إلى أحلاف على حساب أخرى، على غرار التحالف العسكري لمحاربة الإرهاب".

ويضيف الخبير الديبلوماسي بأن "الدبلوماسية التونسية تأثرت في بعض الملفات بالارتباطات الخارجية للأحزاب القوية في البلاد، على غرار ما وقع في الأزمة الخليجية الأخيرة إذ كان الموقف التونسي متذبذبا ومنحازا للطرف السعودي والإماراتي على حساب الطرف القطري".

​​الوفاء الأيديولوجي

ويشاطر المحلل السياسي، عبدالجليل معالي، هذا الرأي ويقول في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إنه "منذ العام 2012 اتخذت الدبلوماسية التونسية مسارا يهدف الوفاء للمحاور الأيديولوجية، قبل البحث عن مصالح الدولة".

ويردف معالي مؤكدا: "الدبلوماسية التونسية التي كانت تحاول دائما النأي بموقف تونس عن المحاور الكبرى، تغيرت بعد الثورة لتتخذ مسارا آخرا، كاد أن يؤدي إلى نتائج وخيمة".

ويشير المحلل السياسي إلى أن حياد الدبلوماسية التونسية قد اختبر في عدة قضايا، "لعل أهمها وأكثرها وضوحا المسألة السورية"، إذ كانت تونس سابقة إلى احتضان "مؤتمر أصدقاء سوريا"، لكن بعد ذلك قررت قطع العلاقات مع النظام السوري، ولم تتم مراعاة مصالح الجالية التونسية المقيمة هناك، ولا ثوابت العمل الدبلوماسي".

​​عودة تونس

يربط المحلل السياسي عبدالجليل معالي "استرجاع عافية الدبلوماسية التونسية بفصل المواقف الدبلوماسية عن الرؤى الحزبية والأيديولوجية، وإعطاء الأولوية للمصلحة العليا للبلد قبل اتخاذ أي مواقف خارجية".من جهة أخرى، يقول الدبلوماسي السابق عبدالله العبيدي إنه "بإمكان الدولة التونسية استعادة مكانتها من خلال الانسحاب من الأحلاف العسكرية التي انضمت إليها في السنوات الأخيرة".

ويختم معالي مؤكدا على أنه "لا يمكن ضمان نجاح أي وساطات تشارك فيها تونس في مثل هذه الظروف".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة