خلد العالم، أمس الخميس، اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري الذي يُحتفى به سنويا في الثلاثين من أغسطس منذ 2011، مناسبة تجددت فيها مطالب الحقوقيين في المغرب بالكشف عما تبقى من ضحايا الاختفاء القسري من الفترة المعروفة بـ"سنوات الرصاص".
فأين وصل ملف الاختفاء القسري بالمغرب؟ وما الذي يحول دون كشف مصير ما تبقى من ضحاياه؟ وهل يمكن الحديث اليوم عن استمرار الاختفاء القسري ولو بشكل مختلف؟
ملف ما يزال مفتوحا
عضو لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب، ورئيس الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، عبد الكريم المانوزي، يؤكد أن ملف الاختفاء القسري "ما يزال مفتوحا في المغرب" على اعتبار أن "العشرات من مختطفي سنوات الرصاص ما يزال مصيرهم مجهولا وعائلاتهم تنتظر كشف الحقيقة".
وعن عدد ضحايا الاختفاء القسري الذين لم يتم بعد الكشف عن مصيرهم يبرز المتحدث أن الجهات الرسمية تتحدث عن 6 حالات بينما هم كعائلات للضحايا يتحدثون عن أزيد من 60 حالة.
ويتابع المانوزي موضحا أن الحالات التي لا تحتسبها الجهات الرسمية "أُعطيت بشأنها معلومات موجزة من قبيل أنهم توفوا ولكن دون الكشف عن زمان ومكان وظروف الوفاة".
رئيس "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، أحمد الهايج، بدوره يؤكد أن صفحة الاختفاء القسري "لم تطو بعد" في المغرب.
ويتابع المتحدث مؤكدا، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن هناك عددا من "الحالات العالقة" لـ"مختطفين مجهولي المصير الذين ارتبطوا بما سمي بسنوات الرصاص والذين أقرت هيئة الإنصاف والمصالحة بوجودهم".
عوائق طي الصفحة
وعما يحول دون الكشف عن مصير "الحالات العالقة"، يوضح رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عبد الرزاق بوغنبور، أن "تجربة العدالة الانتقالية في المغرب تختلف عن جنوب أفريقيا وأميركا اللاتينية"، ذلك أن "هذه التجربة في المغرب تمت في ظل نفس النظام السياسي الذي كان مسؤولا عن الاختلالات في زمن سنوات الرصاص"، بالتالي، يقول بوغنبور "الدولة لم تكن لديها الإرادة السياسية لطي هذا الملف من خلال التتبع والمعاقبة".
10 سنوات علي إعتماد إتفاقية حماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري وفقط 4 دول عربية إنضمت للإتفاقية وهي: العراق، موريتانيا ، المغرب وتونس pic.twitter.com/r3gwABhNtx
— GIHR (@GIHR17) 5 mars 2017
ويتابع المتحدث تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مبرزا أنه "إذا تم البحث عن بعض الأطراف المعنية بملف الاختفاء القسري سنجد أنهم أشخاص في هرم الدولة الأمر الذي يصعب قول الحقيقة ويجعل هذا الملف يتأخر" على حد تعبيره.
ويشدد بوغنبور على أن "التصالح لا يتم فقط بالاعتراف بالخطأ كما أن التعويض ليس كافيا" في هذه الحالة مشددا على ضرورة "توجيه الدولة اعتذارا رسميا والكشف عن مصير الحالات العالقة وتحديد المسؤوليات وإذا تعذرت معاقبة الأطراف المعنية فعلى الأقل يتم إبعادها عن المسؤولية إذا كانت تشغل مناصب في الدولة".
من جانبه يرى عبد الكريم المانوزي أن "مشكل عدم الإفلات من العقاب هو الذي يحول دون الكشف عن الحقيقة كاملة وتحديد المسؤوليات"، مشددا في السياق نفسه على ضرورة أن "يذهب المغرب في اتجاه تطبيق المعاهدات التي وافق عليها وكذلك تجسيد توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة".
شكل آخر للاختفاء!
وفي الوقت الذي ركزت معظم التصريحات التي استقتها "أصوات مغاربية" حول الاختفاء القسري لضحايا الفترة المعروفة بـ"سنوات الرصاص"، وتأكيد كل من الهايج وبوغنبور على أن المغرب لم يعد يسجل حالات للاختفاء القسري كما كان معروفا في تلك الفترة، يشير المانوزي إلى رصد شكل آخر للاختفاء يصفه بـ"محدود المدى".
فرغم تأكيد المانوزي بدوره على أن الاختفاء القسري بالشكل الذي كان عليه في "سنوات الرصاص" لم يعد موجودا إلا أنه يؤكد تسجيل "استمرار عدد من الانتهاكات في حراك الريف بما فيها الاختطاف والاختفاء".
وحسب المتحدث فإن هناك "اعتقال يتم في شكل اختطاف بدون قوانين" مضيفا أن "الاختفاء المؤقت وقصير المدى أيضا موجود وذلك بشهادة العائلات" على حد تعبيره.
المصدر: أصوات مغاربية