حرية الصحافة
حرية الصحافة

تعتبر حرية التعبير من المكاسب التي حققتها تونس بعد الثورة، ومكنتها من احتلال مكانة متقدمة، دوليا، في مجال حرية الصحافة، لكن هذه الحرية لا تعكس صلابة قطاع الصحافة في تونس، نظرا لاستمرار غلق المؤسسات الإعلامية في السنوات الأخيرة.

وطالت آخر عمليات الغلق إذاعة "صراحة أف أم "، إلى جانب تسريح وطرد عدد من الصحافيين في عدة مؤسسات أخرى.

وفي تفاعلهم مع تواصل غلق المؤسسات الإعلامية بمختلف محاملها، تساءل عدد من الصحافيين عن حقيقة وضع هذا القطاع في تونس، داعين إلى ضرورة النهوض به حتى لا تخسر تونس هامش حرية الصحافة وتعدد المشهد الإعلامي فيها.

​​طرد وتسريح 

سجلت نقابة الصحافيين التونسيين في تقريرها السنوي، الخاص بالفترة الممتدة من 3 مايو سنة 2016 إلى غاية 3 مايو 2017، أكثر من 180 حالة  طرد لصحافيين، كما تم إحصاء أكثر من 480 إعلاميا لم يتلقوا أجورهم في وقتها.

واعتبرت النقابة، في تقريرها، أن انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحافيين يعتبر مؤشرا خطيرا يهدد المهنة.

وفي تصريح لـ"أصوات مغاربية"، رأى عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين زياد دبار أن تواصل غلق المؤسسات الإعلامية، وطرد الصحافيين مؤشر خطير يهدد ضمان التعددية، إذ بات من الضروري دق ناقوس الخطر.

​​وفي تقريرها السنوي، رصدت  نقابة الصحافيين  المؤسسات الإعلامية التي أغلقت أو تلك التي تتراخى في تسديد أجور العاملين فيها، وشمل التقرير 8 مؤسسات، أربعة منها قنوات تلفزيونية.

غياب الرؤية

ومن أهم الأسباب التي تدفع المؤسسات إلى الإغلاق، ذكر دبار غياب مخططات ومشاريع واضحة لهذه المؤسسات.

وبين محدثنا أن "مخطط المشروع" مسألة حيوية لضمان استمرارية المؤسسة، مشيرا إلى أن تحديد رأس مال إطلاق إذاعة خاصة بقيمة 250 ألف دينار يعد غير كاف لمواصلة العمل وتسديد أجور العاملين ومختلف المصاريف الأخرى.

​​ومن جهته، أشار عضو الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري هشام السنوسي، إلى ما وصفه بالمفارقة بين "تمكن المؤسسات من العمل في حالة قرصنة وبمجرد حصولها على الإجازة القانونية تصبح لديها صعوبات مالية".

ورأى السنوسي، في حديثه مع "أصوات مغاربية"، أن من أسباب إغلاق المؤسسات الإعلامية "بعثها دون وجود رؤية وخط تحريري واضحين، ذلك أنها تعتمد في عملها على تقليد تجارب مؤسسات أخرى نجحت، وهذا التقليد يجعلها تفشل في الاستمرار".

وذكر السنوسي أن الهيئة تلقت عديد المطالب بفتح مؤسسات إعلامية جديدة، لكنها ستنظر في حصيلة مختلف التجارب السابقة وستأخذها بعين الاعتبار، لتفادي تكرر نفس التجارب الفاشلة.

تدهور الوضع المادي

إلى جانب غياب التخطيط والرؤية، أشار عضو الهيئة إلى أن "المؤسسات التي تغلق وتسرح العاملين فيها تمر بصعوبات مالية حقيقية".

وأفاد  المصدر ذاته أن فتح مؤسسة إعلامية يتطلب ميزانية مالية كبيرة، خاصة مع فوضى الإشهار التي يعاني منها هذا القطاع.

وقال السنوسي: "هناك تلاعب بعملية الإشهار والهيئة مصرة على تنظيمه من خلال هيكل مستقل يقيس نسب الاستماع والمشاهدة ويوزع الإشهار".

​​وفي السياق نفسه، اعتبر عضو نقابة الصحافيين زياد دبار أن مداخيل الإشهار في قطاع الإعلام غير واضحة، خاصة في ظل غياب الرقابة.

وشدد دبار على ضرورة فتح ملف الإشهار من قبل مختلف مؤسسات الدولة، مستغربا من عدم تقديم الدعم من المؤسسات الحكومية لقطاع الإعلام، في حين أنها تقدم دعما لعدة قطاعات أخرى، مثل السياحة والنسيج وغيرها.

الصحفي الحلقة الأضعف

في خضم مختلف الإشكاليات الاستراتجية والمادية التي تعاني منها عدد من المؤسسات الإعلامية يعتبر الصحفي، وفق زياد دبار، الحلقة الأضعف والمتضرر الأول.

وقال الإعلامي علاء حمودي، وهو صحافي في إذاعة "صراحة أف أم"، التي قرر مديرها غلقها وتسريح موظفيها، إن "المشاكل التي تؤدي إلى غلق المؤسسة متعددة، منها سوء التصرف وغياب التسيير".

وأكد حمودي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، على أن الصحافي لا يطالب سوى بتسوية وضعيته المادية والاجتماعية ورسم خطة واضحة للعمل.

​​وذكر رئيس مركز تونس لحرية الصحافة، محمود الذوادي، أن الصحافيين في تونس يشتكون من تدهور وضعهم المادي، ويعانون من تدني الأجور وغياب التغطية الاجتماعية.

وأمام كل أزمة تلجأ المؤسسات الإعلامية، حسب الذوادي، إلى إفراغ قاعات التحرير وتسريح العمال، دون ضمان الحقوق المادية والمعنوية للصحافيين.

ودعا محدثنا إلى ضرورة إيجاد حلول سريعة لتنظيم الإشهار العمومي ليتم دعم المؤسسات الجادة التي تلتزم بأخلاقيات المهنة وبالحقوق المادية لصحافييها، حتى لا يكونوا عرضة لمغريات المال السياسي والمال الفاسد.

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة