يتواصل تبادل الاتهامات بالسرقة والقرنصة وانتهاك حقوق التأليف ورفع شكايات وقضايا في الموضوع في تونس، رغم تنصيص دستور الجمهورية الثانية في باب الحقوق والحريات على حماية الملكية الفكرية.
ورغم دسترة هذا الحق ووجود عدة نصوص قانونية تنظم الملكية الفكرية، مازالت عديد القنوات التلفزية والإذاعية غير ملتزمة باحترام وحماية حقوق التأليف وتعمد إلى خرقها.
عزوف وسائل إعلام
في هذا السياق، نشرت منظمة "أنا يقظ" (غير حكومية) على موقعها الرسمي، أن 94 بالمئة من القنوات التلفزية و82 بالمئة من الإذاعات التونسية لم توقع اتفاقيات مع المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
ووفق وثائق رسمية حصلت عليها المنظمة، فإن هيئة التلفزة التونسية، بقناتيها العموميتين، هي الوحيدة التي انخرطت في مسار حماية حقوق التأليف من بين 15 قناة تلفزية عاملة في تونس، إلى جانب انخراط 5 إذاعات من بين 29 إذاعة.
ولا تشمل المخالفات، حسب ما ذكرته المنظمة، المؤسسات التي لم تبرم اتفاقات مع المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف فقط، بل وكذلك المؤسسات الموقعة والتي لم تلتزم بتسديد المستحقات المتعلقة بحقوق التأليف.
قضايا وشكايات
وقد تقدم العديد من الفنانين والمبدعين بشكايات ورفعو قضايا لدى المحاكم بسبب انتهاك حقهم في ملكية أعمال فنية.
من بين هؤلاء، الفنان بيرم بن كيلاني، الملقب بـ"بنديرمان"، الذي تقدم بشكاية ضد أحد البنوك على خلفية استغلاله لإحدى أغانيه في عمل تجاري.
وفي تصريح لـ"أصوات مغاربية"، قال الفنان التونسي إنه أعد أغنية في إطار عمل جمعياتي، بمساهمة جهات أميركية، لم يكن الهدف منها ربحيا أو تجاريا وإنما تطوير الساحة الموسيقية في تونس، موضحا أن "أحد البنوك استعمل هذه الأغنية في نشاطه التجاري دون أخذ الإذن أو الاتصال بأصحاب الأغنية، مما دفعني إلى رفع شكاية ضذه".
ومن جانبه، ذكر الكاتب وسيم التليلي أنه عاش تجربة مريرة مع انتهاك حقوق الملكية في تونس وانتشار استسهال سرقة أفكار الآخرين.
وأفاد التليلي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه انكب طيلة ستة أشهر على كتابة سيناريو سلسلة تلفزية برفقة زميله ياسين الليل، خلال سنة 2014، إلا أنهما لم يتفقا مع المؤسسة المنتجة حول أجرهما فقررا إلغاء بيع السيناريو. إلا أن التليلي تفاجأ بإقدام الشركة المنتجة على بيع السلسلة إلى قناة تلفزية والبدء في تصويرها.
وتابع قائلا : "بمجرد سماعي ببيع السلسلة حاولت إيقاف التصوير باعتباري أحد مالكي النص ولم أوافق على بيعه، إلا أن القناة التلفزية رفضت ذلك وطلبت مني تقديم الشكوى بعد بث السلسلة".
وانتقد محدثنا بطء الإجراءات القانونية المتعلقة بحماية حقوق المؤلف وعدم وجود آليات آنية أمام تنامي السرقات الفكرية.
قانون غير مفعل
توجد في تونس ترسانة من التشريعات المنظمة لحقوق المؤلف والملكية الفكرية، على رأسها الدستور والقوانين المنظمة والمعاهدات الدولية المصادق عليها. ووفق وزارة الخارجية التونسية، انضمت تونس للمنظمة العالمية للملكية الفكرية سنة 1975، علاوة على توقيعها على الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف لسنة 1969.
إلا أن معظم هذه القوانين غير مفعلة، وأكبر دليل على ذلك، حسب الفنان بيرم، عدم توقيع أغلب المؤسسات الإعلامية على اتفاقيات حقوق التأليف.
ومن جهته، دعا وسام التليلي إلى وضع آليات سريعة وصارمة لوقف انتهاك الحقوق الفكرية ومعالجة الفوضى العارمة التي يعاني منها القطاع.
المصدر: أصوات مغاربية