لا تمر علاقة الشباب المغاربة مع السياسة بأفضل أوقاتها في السنوات الأخيرة، رغم الحراك الذي عرفته البلاد في 2011، والذي قاده مجموعة من الشباب تحت لواء حركة 20 فبراير. لكن ما سبب نفور الشباب المغاربة من السياسة وفق ما ترصده تقارير واستطلاعات رأي مختلفة؟
لم يتجاوز عدد الشباب المتراوحة أعمارهم بين 18 و24 سنة، المشاركين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، عتبة 9 في المئة من مجموع الكتلة الناخبة، مؤكدين بذلك أن فئة عريضة من الشباب لا تهتم بسباق الانتخابات أو الخارطة الحزبية التي ستفرزها.
ورغم فتح البرلمان أمام الشباب عبر إحداث لائحة وطنية ضمن "كوطا" خاصة بهم في الانتخابات، إلا أن نسبة قليلة فقط منهم تمكنت من خوض غمار الممارسة التشريعية، ليطرح السؤال.. هل يوجد سوء فهم بين الشباب المغاربة والسياسة بالبلاد؟
بوغالبي: انخراط ضعيف
انخراط الشباب في المشهد السياسي، أي على مستوى الممارسة، هو الذي لم يتحقق، وفقا لعضوة الشبيبة الطليعية والناشطة السابقة في حركة 20 فبراير، أمينة بوغالبي، التي تؤكد أن علاقة الشباب بالأحزاب والعمل السياسي "تبقى نظرية وغير منزلة على أرض الواقع".
وتوضح بوغالبي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه بقدر تمكن الشباب من إدراك اللعبة السياسية والتعرف على الأطراف المشاركة فيها، لم يواكب ذلك اندماج حقيقي على مستوى الممارسة في الإطارات السياسية التي لم تعرف كيف تتعامل مع الشباب الذين كانوا مشاركين في حركة 20 فبراير، وفق تعبيرها.
الناشطة اليسارية الشابة تنتقد "اكتفاء فئة مهمة من الشباب بإطلاق أحكام قيمة على العمل السياسي من داخل المؤسسات الحزبية دون تقديم مجهود لاكتشافه عن قرب"، مضيفة أن "الصورة الحالية لدى أغلبهم تعتبر أن الأحزاب فاسدة ولا تصلح للعمل من داخلها".
خيرون: إقبال ثم نكوص
تحسن علاقة الشباب بالسياسة بدأ، حسب عضو اللجنة المركزية لشبيبة حزب العدالة والتنمية الإسلامية، نزار خيرون، بعد سنة 2011، تزامنا مع حراك 20 فبراير، الذي حرك اهتمامات الشباب نحو السياسية والشأن المحلي والوطني عموما، وفقه.
ويؤكد خيرون، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هذه العلاقة توطدت مع حكومة عبد الإله بنكيران، بسبب ما اعتبره تبنيا لهذا الأخير لنوع خاص من الخطاب السياسي "مبني على الوضوح في التعبير عن القرارات والخطوات التي تتخذها الحكومة، خصوصا ذات البعد الاجتماعي منها"، وفق تعبيره.
لكن الفاعل السياسي الشاب ذاته يشير إلى حصول ما وصفه بالنكوص بعد الفترة التي عُرفت باسم "البلوكاج" الحكومي والسياسي، إبان عدم توافق الأحزاب السياسية على تشكيل الحكومة الحالية، مضيفا أن "الشباب فقدوا الثقة من جديد في السياسة بعدما لم يجدوا انعكاسا لصداهم وصوتهم المدلى به خلال الانتخابات"، حسب قوله.
قراقي: تأثير محدود
أستاذ القانون الدستوري، عبد العزيز قراقي، يقر، من جهته وعبر منظور التحليل السياسي، بوجود نوع من الدينامية السياسية حدثت بعد حراك 20 فبراير جعلت الشباب أكثر إقبالا على متابعة السياسة بالمغرب والاطلاع على مسارها.
بيد أن قراقي يشير، في حديثه مع "أصوات مغاربية"، إلى أن خيار إحداث اللائحة الوطنية للشباب في سنة 2011، إبان حراك 20 فبراير، "لم ينعكس إيجابيا على مشاركة الشباب في العمل السياسي"، حسبه، موضحا أن "من استفاد من هذه اللوائح هو بعض الوجوه التي كانت تنخرط قبل ذلك في الأحزاب السياسية وشبيباتها"، على حد قوله.
ويبرز أستاذ القانون الدستوري أن "عملية إعداد أحزاب سياسية لهذه اللوائح شابتها مظاهر الزبونية والولاء، في ظل عدم استعداد الأحزاب آنذاك للتعامل مع هذا المستجد"، مردفا أن ذلك يفسر كيف أن تأثير هذه اللوائح الشبابية على المشاركة الفعلية للشباب من خارج الحقل الحزبي كان محدودا جدا، حسبه.
المصدر: أصوات مغاربية