رئيس الجمهورية التونسية مع ريس حركة النهضة
رئيس الجمهورية التونسية مع ريس حركة النهضة

بعد حوالي ثلاث سنوات من تشكيل التحالف بين حزب نداء تونس وحركة النهضة في إطار الحكم بالتوافق إثر انتخابات 2014، خرج رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بتصريح جديد قال فيه "حاولنا المساهمة في جلب النهضة إلى خانة المدنية، ولكن يبدو أننا أخطأنا التقييم".

تصريح عبر فيه السبسي، في حوار مع صحيفة محلية، عن انتقاده للتحالف القائم مع حركة النهضة، فهل يمثل ذلك مؤشرا لوجود خلافات بينهما، أم أنها مجرد دعاية سياسية؟

​​التوافق متواصل 

في تصريحه الصحفي، عبر الرئيس التونسي عن اضطرار حزب نداء تونس للتحالف مع حركة النهضة لغياب الوعي السياسي لدى الأحزاب القريبة من تصوراته للدولة والمجتمع.

إلا أنه قال: "لا نتمنى أن يصل التحالف إلى نهايته، لكننا لاحظنا ترددا وتوجسا من البعض، أعاق اندماجهم في المجتمع التونسي".

​​ودعا الباجي قائد السبسي إلى بناء أرضية مشتركة بين التونسيين "وأن تعلو لغة العقل ومصلحة الدولة كل المصالح".

في قراءته لهذه التصريحات، رأى عضو المكتب السياسي لحركة النهضة، محمد القوماني، أن ما قاله السبسي عن حركة النهضة لا يمس جوهر العلاقة القائمة على التوافق الذي يقدم المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية.

وأفاد القوماني في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن تصريحات رئيس الجمهورية تأتي في إطار ظرفي يتعلق بالخلافات الحادة حول ما عبر عنه بخصوص قضية المساواة بين المرأة والرجل في الإرث وإلغاء المرسوم المتعلق بزواج التونسيات من غير المسلم.

وفيما يتعلق بمدَنية الحركة، أكد المصدر ذاته على أن حركة النهضة ترى نفسها في مربع المدنية والحداثة وقد تكون مقارباتها مختلفة أحيانا عن مقاربات أخرى، لكنها في الجوهر متمسكة بالمدنية.

​​وقال القوماني "الباجي قائد السبسي يعرف جيدا أن النهضة تتغير جوهريا، لكن بصفة انتقالية كما هو حال تونس بصفة عامة".

ومن جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والباحث، حمادي الدريسي، أن الباجي قائد السبسي سبق وأن اعترف في أكثر من مرة بمدنية حركة النهضة وتوجهاتها، وتصريحاته جاءت ضمن العلاقة الجدلية التي تربطه بالحركة ورئيسها راشد الغنوشي.

وأضاف الدريسي، المستقيل منذ سنة 2014 من حركة نداء تونس، "بحكم تجربتي مع الحزب وقربي من السبسي في وقت سابق لا أعتقد أن الاستراتيجية الحقيقة لرئيس الجمهورية تتجه نحو فك الارتباط مع حركة النهضة".

خدمة هدف معين

يسعى رئيس الجمهورية من خلال تصريحاته حول النهضة، وفق المصدر ذاته، إلى توجيه رسائل سياسية لأطراف على علاقة بالوضع الداخلي لحزب نداء تونس، وكذلك استعدادا للاستحقاق الانتخابي القادم.

​​وفي هذا السياق، ذكر أستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن، عبد اللطيف الحناشي، أن تصريح الباجي قائد السبسي يأتي في إطار ظرفي لخدمة هدف معين يتمثل في كسب تعاطف الرافضين للتحالف القائم بين نداء تونس وحركة النهضة.

وقال الحناشي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "تصريح السبسي يبدو غريبا لتكرره أكثر من ثلاث مرات على الأقل، لكنه لم يعكس نية فض التحالف القائم، خاصة وأن التحوير الوزاري الذي أعلن عنه بعد هذه التصريحات حافظ على الائتلاف بين الحزبين".

ولكن هذه التصريحات حول النهضة تعكس، حسب الأستاذ الجامعي، عدم قناعة الباجي قائد السبسي بتحالفه مع حركة النهضة وتؤكد اضطراره لذلك، بعد انتخابات 2014، نظرا لحجم وقوة حركة النهضة في البرلمان.

انفراط عقد التحالف

خلافا لما ذهب إليه البعض من عدم تأثير تصريحات السبسي على التحالف، رأى الكاتب والمحلل السياسي، جمعي القاسمي، أن تصريحات رئيس الجمهورية حول علاقته بالنهضة فيها اعتراف بالفشل.

​​وأضاف القاسمي، في حديثه مع "أصوات مغاربية"، أن السبسي دخل في التحالف مع النهضة بسبب جملة من الإكراهات دفعته إلى ذلك.

وقال القاسمي: "مؤشرات فك الارتباط تتراكم انطلاقا من المتغيرات الوطنية، خاصة بعد مبادرة المساواة في الإرث التي زعزعت النهضة ومن المتغيرات الدولية التي تكشف تراجع حضور الإسلام السياسي".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة