كنيسة سان أوغيستين بالجزائر
كنيسة سان أوغيستين بالجزائر

جدّدت حكومة أحمد أويحيى حرصها على "حماية أمن واستقرار البلاد ووحدتها"، حسب ما جاء في مخطّط الحكومة الذي عرضته على موقعها الالكتروني، وذلك في الشق الخاص بحماية أماكن العبادة والعاملين فيها.

وأشار المخطط الحكومي الذي سيعرض على البرلمان للمناقشة، إلى أن الحكومة ستسهر "بكل الصرامة المطلوبة على حماية المساجد والأئمة، كما ستسهر على الحفاظ على المجتمع، بقوّة القانون، من أي محاولة لزرع البلبلة في صفوفه من طرف طوائف وملل دينية غريبة عن تقاليدنا الإسلامية الثرية"، وهو ما يثير مخاوف المنظمات الحقوقية في الجزائر وخارجها، بعد هذا التهديد الصريح.

​​ مطاردة وتنديد

 ويؤكد هذا التعهد سير الحكومة الجديدة على نفس السياسة السابقة في مطاردة الأقليات الدينية والطوائف التي ظهرت في الفترة الأخيرة، وأثارت الكثير من الجدل في الداخل والخارج، واتهمتها الحكومة بالعمل على تقويض الأمن والاستقرار وتماسك المجتمع ووحدته المذهبية.

​​وأدت تلك السياسة إلى إدانة واضحة من منظمات حقوق الإنسان، كمنظمة هيومن رايتس ووتش التي دعت الجزائر إلى وقف "اضطهاد الأحمدية"، وكشفت المنظمة الحقوقية عن "تعرض الكثير من الأحمديين للملاحقة القضائية منذ يونيو 2016، وحُبس بعضهم لفترات ناهزت 6 أشهر"، مشيرة إلى أن مسؤولين "ادعوا في بعض الحالات أن الأحمديين يمثلون خطرا على مذهب الأغلبية السنية، واتهموهم بالتواطؤ مع قوى أجنبية".

اقرأ أيضا: "هيومن رايتس ووتش": على الجزائر وقف اضطهاد 'الأحمدية'

وفي الوقت الذي تترك فيه الحكومة هامشا واسعا لنشاطات بعض القوى المذهبية السلفية وفق اتفاق غير معلن، تسعى إلى التشديد على الطوائف التي تعتبر نشاطها مسا بالوحدة والأمن والاستقرار. فهل التضييق هو الإطار الوحيد في منظومة الحلول الممكنة في التعامل مع هذه الطوائف والملل؟

 المواجهة العلمية

 يطرح عضو جمعية العلماء المسلمين في الجزائر، محمد بن حامد بومشرة، مخرجا جديدا في التعامل مع هذه الطوائف مثل الأحمدية التي يرى أن "التضييق عليها يجب أن يكون بالمواجهات العلمية والمناظرات أمام الرأي العام"، مضيفا أن "الإسلام دين رحب يتعامل مع جميع الديانات السماوية".

ويرى ذات المتحدث في تصريح لـ “أصوات مغاربية"، "أن دور علماء البلاد لا غبار عليه في حماية المرجعية الدينية، لذلك فإن هذه الطوائف تتم مواجهتها بالمناظرات العلمية، والدروس في المساجد مع الانتباه إلى عدم تضخيم الأمور".

​​قمع!

أما بالنسبة للحقوقي والمحامي صالح دبوز، فأشار إلى أن الوزير الأول الحالي "هو من أعلن أن الهيئات الدولية الحقوقية استعمار جديد، وأن السلطة في الجزائر تريد تكريس قمع الحريات والقضاء على التنوع الثقافي والديني بحجة الحفاظ على الاستقرار".

أتباع للطائفة الأحمدية في الجزائر - أرشيف
أتباع للطائفة الأحمدية في الجزائر - أرشيف

​​تساءل المتحدث في تصريح لـ "أصوات مغاربية"، "كيف تتحالف الحكومة مع السلفية؟، وهي تيار سياسي ديني"، مضيفا أن "النظام أحكم قبضته على أدوات القمع ومحاربة الاختلاف تكريسا لسياسة السبعينيات، والرأي الواحد الأوحد الذي يقصي بقية المجتمع".

​​ وكشف المحامي صالح دبوز، عن تحضير ملف سترفعه الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان للمنظمات الدولية الحقوقية والهيئات الأممية يتعلق بـ “تجاوز السلطة للحريات النقابية وقمع الأقليات، والطرد التعسفي من العمل بحجة المتابعة القضائية لأتباع الجماعة الأحمدية، وهو ملف يُرفع وفق التزام الجزائر بالمعاهدات الدولية وموافقتها على المساءلة عن تجاوزات حقوق الإنسان".

مسكنات أمنية

ومن جهته يرى المستشار السابق لوزير الشؤون الدينية عدة فلاحي في تصريح لـ “أصوات مغاربية" أنه "لابد للقناعات من إطار قانوني يضبطها و ينظمها مع الانفتاح على الآخر، من خلال الحوار والنقاش و فتح ورشات للدراسات والبحث".

ثم أضاف "ولكن يبدو بأن المؤسسات الواجب عليها القيام بذلك عاجزة، ومعطلة بداية من المؤسسة الدينية إلى الثقافية إلى التعليم العالي، وأمام هذا الفراغ والأزمة الفكرية أضحت الداخلية بذراعها الأمني هي التي تعالج مثل هذه الحالات، حينما تتعامل مع المعتقدات والأفكار التي أضحت عابرة للحدود، عبر تكنولوجيا الاتصالات بطريقة غير مناسبة".

​​وحسب المتحدث ذاته، فإن "هذه السياسة في التعامل مع الطوائف والملل، لا تقدم الحل والعلاج الكافي والشافي، وإنما هي عبارة عن مسكنات ظرفية، كما أن هذا الأسلوب قد يضر بسمعة الجزائر على المستوى الدولي، ويجعلها عرضة لانتقادات المنظمات الدولية التي لا يجب الاستهانة بتقاريرها، كما صرح يوما ما وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى الذي هون منها، وهو مخطئ في ذلك".

 

ويبقى صراع السلطة والحقوقيين حول الأقليات الدينية متواصلا بين اعتبارات الحكومة، ونضال المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يصرون على مواصلة معركتهم إلى حين الاعتراف بحقوق الأقليات في العيش الآمن، بعيدا عن الحساسيات والمطاردة والمحاكمات ضدهم.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة