يخلد العالم، الأحد، اليوم العالمي لمنع الانتحار، الذي يوافق 10 من شهر سبتمبر من كل سنة.
والمغرب، استنادا إلى نتائج دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية عام 2014، ثاني البلدان العربية من حيث عدد المقدمين على الانتحار.
فقد قدرت المنظمة عدد المنتحرين في البلد عام 2012 بـ 1628 شخصا.
وحسب عدد من المتتبعين، فإن المثير للقلق بخصوص هذه الظاهرة هو ما صار يسجل خلال السنوات الأخيرة من حالات انتحار في صفوف الأطفال والمراهقين.
فما هي أسباب الانتحار؟ وما الذي جعله ينتشر في صفوف المراهقين والأطفال؟ وكيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة؟
"اليأس والاحتجاج"
رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، يرى أن الانتحار أصبح يشكل "ظاهرة مقلقة" في المجتمع المغربي.
ويلفت المتحدث، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، إلى انتشار ما يصفه بـ"الانتحار الاحتجاجي"، وذلك كـ"تعبير عن التهميش والحكرة".
من الأمور التي صعب علي التعليق عليها، هي تلك المرأة العجوز التي تريد الإنتحار .#المغرب
— Khalid Jcob (@khalidjcob) 25 avril 2017
هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على البالغين فقط، بل صارت تشمل حتى المراهقين والأطفال، الأمر الذي يرجعه المتحدث ذاته إلى أسباب منها شعور الطفل أو المراهق بـ"اليأس، ما يقوده إلى التفكير في وضع حد لحياته".
وحسب الخضري، فإن الطفل الذي يقدم على الانتحار "يعاني من مشاكل نفسية أو ظروف عيش صعبة، يعززها عدم اكتراث الوالدين أو تعرضه للتعنيف من قبلهما".
بالنسبة للمراهقين، يؤكد عبد الإله الخضري أن هذه الفئة قد تعاني من "مشاكل عاطفية حادة، خصوصا في صفوف الفتيات"، مشيرا في السياق نفسه إلى ما يصفها بـ"الظاهرة المخيفة" والمتمثلة في إقدام فتيات على الانتحار نتيجة تعرضهن للابتزاز الجنسي.
ورغم تعدد الأسباب التي قد تدفع الأطفال والمراهقين إلى الانتحار، يرى رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان أن العامل المشترك بينها هو "غياب المواكبة والمعالجة والاهتمام والعناية"، لأن المجتمع المغربي، على حد تعبيره، "صار يعيش على وقع الجري وراء لقمة العيش والقوت اليومي"، الأمر الذي قد يشغل الآباء ويجعلهم لا ينتبهون إلى المشاكل التي يواجهها الأبناء.
ضغوط وهشاشة
الأخصائي في الأمراض النفسية والجنسية، أبو بكر حركات، يتحدث من جانبه عن "الهشاشة الاجتماعية والضغوط النفسية الناتجة عن عوامل اقتصادية وأسرية وغيرها"، باعتبارها من الأسباب التي قد تدفع الشخص إلى التفكير في الانتحار.
وينبه حركات، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، إلى خطر المخدرات، التي قد تصيب البعض باضطرابات تدفعه إلى التفكير في الانتحار.
إلى جانب ما سبق، يشير المتحدث إلى "تفشي الأمراض النفسية"، مذكرا هنا بنتائج دراسة سابقة لوزارة الصحة تؤكد أن "49 في المئة من المغاربة عانوا بشكل أو بآخر من مشكل نفسي"، موضحا أن الضغوط التي قد يعانيها الإنسان يمكن أن تتفاقم مع وجود اضطرابات نفسية، من قبيل الاكتئاب وغيره.
انتحار طفل بنواحي أزرو عجزت أمه عن شراء كتب ولوازم الدراسة له، لا حول ولا قوة إلا بالله 󾌻 – triste
— Youssef Benakka (@YoussefBenakka) 28 septembre 2016
وعن انتحار الأطفال والمراهقين، يرى حركات أن انتشار الظاهرة ناتج عن "الهشاشة النفسية والضغوط التي يعانونها إما في المدرسة أو داخل الأسرة".
ويضيف: "الآباء أحيانا قد يقللون من أهمية المشاكل التي يمر بها أبناؤهم، أو قد لا ينتبهون إليها أصلا".
أثر مشاهد العنف
بالنسبة للباحث في علم الاجتماع، حسن قرنفل، فإن المقلق بخصوص ظاهرة الانتحار في المغرب، علاوة على انتشارها حتى بين الأطفال والمراهقين، أنها صارت تنتشر في الوسط القروي أيضا.
ويتابع المتحدث: "لحد الآن، لا يمكن القول إن المغرب يشهد نسبا مرتفعة لظاهرة الانتحار"، مبرزا أن التغطية الإعلامية للحالات المسجلة هي التي "تعطي الانطباع بأن هناك نسبا عالية".
ويرجع المتحدث إقدام فئة الأطفال والمراهقين على الانتحار إلى عدة عوامل، من بينها التكنولوجيا الحديثة التي تشمل وسائل التواصل وألعاب الفيديو وحتى الأفلام.
ويلفت المتحدث إلى ما يمكن أن تخلفه مشاهد العنف التي قد يصادفها الأطفال من خلال تلك الوسائل على نفسيتهم.
من جهة أخرى، يشدد قرنفل على دور الآباء في "توعية الأبناء وإكسابهم قوة ومناعة لمواجهة المشاكل التي تعترضهم"، منبها إلى أن "سلوك الآباء أحيانا قد يكون سببا في إقدام الأبناء على الانتحار".
اقرأ أيضا: 'الحوت الأزرق' و'مريم'.. ألعاب إلكترونية تحرض على الانتحار
المصدر: أصوات مغاربية