Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

في حين يشهد عدد الزيجات في تونس تراجعا من سنة إلى أخرى، يواصل حجم أحكام الطلاق المعلن عنها في الارتفاع حتى أصبح الطلاق ظاهرة اجتماعية منتشرة في المجتمع التونسي.

سجلت الزيجات التونسية بين سنة 2013 و2015 تراجعا بـ1666 زيجة إلا أن أحكام الطلاق ارتفعت بـ1115 حكم طلاق خلال نفس الفترة، فما هي أسباب ارتفاع قضايا الطلاق في تونس وكيف يمكن معالجة هذه الظاهرة؟

​​الأرقام تتكلم

وفق الإحصائيات الرسمية الصادرة عن "المعهد الوطني للإحصاء"، سجلت أحكام الطلاق المعلنة من قبل المحاكم الابتدائية ارتفاعا من سنة إلى أخرى، وانتقل عددها من 13867 حكما في سنة 2013 إلى 14982 حكما سنة 2015.

أحكام الطلاق المعلنة
أحكام الطلاق المعلنة

​​وخلال نفس الفترة، سجلت معدلات الزواج تراجعا من 110119 زيجة سنة 2013 إلى 108843 زيجة سنة 2015.

عدد الزيجات في تونس
عدد الزيجات في تونس

​​وفي قراءته لهذه الإحصائيات، ذكر رئيس "مرصد الأسرة والمتزوجين" والخبير لدى المحاكم التونسية في الصحة الجنسية، هشام الشريف، أن تونس تحتل المرتبة الرابعة في العالم في نسب الطلاق مقارنة بعدد السكان.

ورأى الشريف، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هذه الظاهرة ستبقى في ارتفاع إذا ما تواصل التكتم عن سببها الرئيسي "المتمثل في الاضطرابات الجنسية لدى أحد الزوجين أو كليهما".

​​وأشار الخبير إلى أن ما يزيد عن 48 في المائة من قضايا الطلاق سببها المشاكل الجنسية وقرابة 30 في المائة تعود لأسباب مادية و20 في المائة سببها العنف الزوجي بمختلف أشكاله.

الاضطرابات الجنسية

وأكد الخبير لدى المحاكم التونسية أن نسبة عالية من التونسيين يعانون من اضطرابات جنسية "تكون هي السبب الرئيسي في تفكك الأسرة وطلب الطلاق وذلك بسبب اعتبار هذه الاضطرابات من التابوهات التي لا يجب الحديث عنها والبحث عن علاج لها".

48 بالمئة من قضايا الطلاق، حسب محدثنا، تكون بسبب اضطرابات جنسية تتمثل في سرعة القذف وعدم القدرة على الانتصاب لدى الرجال وفقدان الإحساس والمتعة والتشنج المهبلي لدى المرأة وفقدان الرغبة الجنسية لدى أحد الطرفين كذلك.

واعتبر هشام الشريف أن الطرفين يحاولان إخفاء هذه الاضطرابات خلال الجلسات الأولى للطلاق أمام قاضي الأسرة ويتم الحديث عن الإهمال المنزلي للهروب من هذا المشكل الحقيقي والعميق.

​​وشدد المختص في علم الجنس على أن "السكوت والهروب من معالجة هذه الاضطرابات يعمق المشاكل الزوجية ويؤدي إلى الرغبة في الانفصال".

ولمعالجة هذا السبب الرئيسي الذي يقف وراء الطلاق، دعا المصدر ذاته، إلى إدراج التربية الجنسية في المناهج التعليمية من أجل "زرع الوعي لدى الناشئة وتكوين جيل متوازن نفسيا وجسديا".

وقال الخبير: "نسعى لإدماج مادة بيداغوجية مباحة وغير إباحية تعلم الناشئ الاحترام المتبادل والتصالح مع جسده".

وفي السياق نفسه، ذكر الباحث في القضايا الاجتماعية الدكتور أحمد الأبيض، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن فشل الحياة الجنسية بين الطرفين تؤدي بالضرورة إلى "فشل العلاقة كاملة بينهما".

​​وأضاف الباحث أن الكثير من الأزواج "لا يحسنون الدخول بالشكل الجيد منذ يوم الزفاف، ولا يتمكنون من بناء علاقة جنسية صحيحة وذلك يعود إلى غياب تنزيل العلاقات الجنسية ضمن المنظومة الثقافية والقيمية للمجتمع".

الكذب وعدم التوافق

لخص الباحث أحمد الأبيض مختلف أسباب انتشار الطلاق في المجتمع التونسي في "عدم إدراك الشخص لحقيقة نفسه إيجابيا وسلبيا وعجزه عن تحديد حقيقة الآخر واختيار الشريك".

وبيّن الأبيض أن مرحلة التعارف بين الطرفين قبل الزواج مهمة للغاية "إلا أن هذا التعارف في أغلب الحالات يتم بشكل سريع، ويتم قرار الزواج بعد أن أعجب الرجل بجسد المرأة وأعجبت المرأة بمحفظة نقود الرجل".

​​ويعدّ عدم التوافق الفكري والعلمي وتحديد المسؤوليات وحتى التوافق على الجوانب المالية سببا في انفصال الشريكين، حسب محدثنا.

من جهتها، قالت المحامية وعضو الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، بثينة بلطي، إن "الأوضاع المادية والكذب من أبرز مسببات الطلاق".

وقالت بلطي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "حسب تجربتي الخاصة وما يرد من ملفات طلاق يوميا على مكتبي، تعتبر المسائل المادية وضعف الموارد الكفيلة بتوفير الحاجيات الأساسية عاملا أساسيا يؤدي إلى الطلاق".

​​إلا أن أسباب الطلاق تختلف، وفق المحامية، حسب الفئة العمرية للأزواج، "فالشباب عادة ما يقدم على الطلاق لعدم تحقيقهم للاستقرار ولاكتشاف كذب أحد الطرفين على الآخر".

وأفادت محدثتنا بأن "المحكمة الابتدائية ببن عروس" يردها الكثير من حالات الطلاق في صفوف الشباب الذين يتزوجون في شهر يونيو ويرفعون قضايا طلاق في شهر سبتمبر، "لأن العلاقة بينهم هشة ولم تبنى على أسس صحيحة وإنما في بعض الأحيان بنيت على علاقة افتراضية بالإنترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الهاتف".

في حين، تتلقى المحامية ملفات طلاق تتعلق بزوجين بلغت حياتهما الزوجية 20 أو 30 سنة، وغالبا ما يكون السبب "الخيانة الزوجية ورغبة أحد الطرفين في تجديد حياته مع شخص آخر".

وإلى جانب كل هذه الأسباب، أشارت المحامية إلى لجوء المرأة في أحايين كثيرة إلى رفع قضايا طلاق لتعرضها إلى العنف من طرف شريكها.

أسباب الطلاق كثيرة ومتعددة لكن حلها يكمن، وفق الباحث أحمد الأبيض، في "إصلاح الفرد وتصالحه مع نفسه وحسن دراسة الطرف الآخر واختياره، ومعالجة طريقة تعاملنا مع الناس.. فبدل إعلان الحرب، علينا إعلان الحب".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة