الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وعضو حركة التوحيد والإصلاح عبد الإله بنكيران في تجمع مع أنصاره (أرشيف)
الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وعضو حركة التوحيد والإصلاح عبد الإله بنكيران في تجمع مع أنصاره (أرشيف)

أثار خبر اعتقال السلطات السعودية لعدد من الدعاة، خلال الأيام الأخيرة، عددا من ردود الفعل الرافضة لهذه الخطوة من قبل إسلاميين في المغرب.

وأقدمت سلطات الرياض على اعتقال الداعية المعروف، سلمان العودة، بالإضافة إلى عوض القرني، وعلي العمري، وعدد من الدعاة الآخرين.

هذه الاعتقالات لم ترُق لعدد من إسلاميي المغرب، الذين انبروا للتنديد بما قامت به السلطات السعودية، وأطلقوا دعوات لكي يتم إطلاق سراح هؤلاء الشيوخ المعتقلين.

حركة التوحيد والإصلاح المغربية، والتي توصف بأنها "الجناح الدعوي" لحزب العدالة والتنمية القائد للحكومة الحالية، أصدرت بلاغا، وقّعه رئيسها، عبد الرحيم الشيخي، ناشدت من خلاله السلطات السعودية "للمبادرة الفورية إلى إخلاء سبيل العلماء والدعاة والمفكرين المعتقلين وكذا كافة دعاة الإصلاح السلميين، المعتقلين بسبب الرأي وإسداء النصح"، على حد تعبيرها.

وغالبا ما تصنف الحركة في معسكر قطر والإخوان المسلمين، بينما يدور سلفيو المغرب في فلك السعودية والعقيدة الوهابية.

واعتبرت الحركة، في بيان لها، أن "أي اعتقال لمن لم يرتكب عملا يجرمه الشرع أو القانون، هو ظلم واعتداء وتعسف".

ويُعد هذا الموقف، الأول من نوعه، لحركة التوحيد والإصلاح في ما يتعلق بتداعيات الأزمة الخليجية، بعد إعلان دول السعودية والإمارات والبحرين مقاطعة قطر، فيما يأتي قرار السلطات السعودية باعتقال هؤلاء الدعاة بسبب مواقفهم من هذه الأزمة.

"موقف متوقع"

يرى الباحث المغربي المتخصص في الحركات الإسلامية، إدريس الكنبوري، أن البلاغ المذكور ليس جديدا على حركة التوحيد والإصلاح، معتبرا أنها كانت حاضرة في جميع المحطات التي تخص الإسلاميين وسباقة للتعبير عن مواقفها، شأنها في ذلك شأن جماعة العدل والإحسان.

ما قاله الكنبوري، يؤكده أيضا الباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، منتصر حمادة، إذ اعتبر أن الخروج الأخير كان متوقعا.

وعلل ذلك بكون "الحركة ليست حركة إسلامية مغاربية خالصة، من قبيل جماعة العدل والإحسان المحظورة، ولكنها حركة إسلامية تنتمي إلى مشروع إسلامي حركي أممي عابر للأوطان، ومنخرط في صراعات استراتيجية إقليمية ودولية".

​​​​وتبعا لذلك، يقول حمادة، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "قرارات قيادة الحركة أكبر من مواقف الأعضاء في هذه الرقعة الوطنية أو تلك، خاصة أننا نتحدث عن قضية تهم المجال الإقليمي، وليس المجال المغربي"، على حد تعبيره.

اقرأ أيضا: حرب داخل حزب الإسلاميين بالمغرب.. هؤلاء وقودها!​

ويؤكد حمادة أن "مقتضى الانتماء إلى المشروع الإخواني من جهة، ومقتضى الصراع الإقليمي الدائر مؤخرا بين السعودية وقطر التي ترعى المشروع الإخواني، يفرض على الحركة الخروج بهذا البيان الذي لا تختلف مضامينه مع البيانات الصادرة عن باقي فروع الحركات الإسلامية الإخوانية في المنطقة".

ويشدد المتحدث ذاته على أن "هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تتفاعل فيها الحركة بهذا الإيقاع، وهذا سبب ضمن أسباب أخرى، يُغذي استمرار أجواء عدم الثقة مع باقي الفرقاء السياسيين وهو ما نجد له تبعات ميدانية على أرض الواقع".

بحث عن منفذ

يوضح الكنبوري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن حركة التوحيد والإصلاح "توجد في مأزق مع قواعدها والمتعاطفين معها، منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة سنة 2011، وأصبح أي موقف للحزب ينعكس على الحركة، ما جعلها تحاول أن تبحث لها عن مسافة عن الحزب.

ويذهب المتحدث ذاته إلى تأكيد أن موقف الحركة يحاول أن "يحافظ على ماء الوجه حتى لا تظهر كملحقة لحزب العدالة والتنمية"، مشيرا إلى أنه "موقف طبيعي يدافع عن الذين يسيرون معها في الخط نفسه"، كما أنه "محاولة من أجل استعادة مكانها".

​​ورغم مطالبة الحركة السلطات السعودية بإطلاق سراح الدعاة المعتقلين، إلا أن الكنبوري يؤكد، في الوقت ذاته، أن "هذا البلاغ لم يكن قويا".

اقرأ أيضا: ماذا يريد القصر الملكي من زعيم إسلاميي المغرب؟

ويرى متابعون أن الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية اختارت تجاهل قضايا وطنية خالصة، مقابل الاهتمام بمشاكل الآخرين في دول إسلامية أو عربية بعيدة عنها، فيما يشبه "قلوبهم معنا وسيوفهم مع الآخرين".

ويعلق الكنبوري على هذه المسألة بالقول إن هذا الإشكال يوجد لدى الحركات الإسلامية بشكل عام، مشيرا إلى أنهم يهتمون بالذين يسيرون معهم في الخط نفسه، كما أنهم يعطون الأولوية لقضايا أخرى.

​​وتساءل المتحدث ذاته عما اعتبره تجاهلا من "الحركات الإسلامية" المغربية لقضايا وطنية، كما هو الحال بالنسبة للحراك في منطقة الريف مثلا، وسكوت حركة التوحيد والإصلاح عما يحدث، مشددا على أنه "لكي تكون الحركة وطنية لابد لها أن تهتم بالقضايا الوطنية وتقطع الارتباط بالتنظيم العالمي".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة