جدد الإعلان الرسمي عن إلغاء المناشير القانونية المتعلقة بمنع زواج التونسية بالأجنبي غير المسلم، الجدل الدائر حول هذا الموضوع، منذ أن دعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إلى ضرورة تطبيق المساواة التامة بين الرجل والمرأة، في 13 أغسطس الماضي.
واختلفت ردود الفعل تجاه هذا الإلغاء بين مرحب بتدعيم حق المرأة في اختيار شريكها وبين رافض للسماح بزواج التونسيات بالأجانب غير المسلمين.
المناشير الملغاة
أعلنت الناطقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، أمس الأربعاء في تدوينة نشرتها على صفحتها الرسمية، أنه تم "إلغاء كل النصوص المتعلقة بمنع زواج التونسية بأجنبي، موضحة أن هذه النصوص تتمثل في "منشور 1973 وكل النصوص المشابهة له".
وفي تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بين القاضي أحمد الرحموني، رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء، أن النصوص التي تم الإعلان عن إلغائها تتعلق بالمنشور الصادر في نوفمر 1973 والمنشور الصادر في 1962.
وهي مناشير، وفق القاضي، صادرة عن وزارة العدل ويتم توجيهها إلى عدول الإشهاد وضباط الحالة المدنية، من أجل الامتناع عن عقد زواج تونسيات على أجانب غير مسلمين.
لم يتم الحسم بعد
وعلى عكس الناطقة باسم رئاسة الجمهورية التي باركت، في تدوينتها، لنساء تونس حصولهن على الحق في اختيار الزوج، فإن القاضي أحمد الرحموني رأى أن "مسألة زواج التونسيات بغير المسلم لا يمكن البت والحسم فيها بمجرد قرار صادر عن وزير العدل يلغي المنشورين المذكورين، وإنما المسألة تتعلق بقرار جديد ينشر في الرائد الرسمي".
وإلى جانب ذلك، تبقى هذه المسألة، حسب المتحدث ذاته، مرتبطة بمجلة الأحوال الشخصية التي تنظم الحياة الأسرية، والتي تنص في فصلها الخامس على ضرورة خلو الزوجين من الموانع الشرعية.
وأشار القاضي إلى اختلاف تأويل فقه القضاء التونسي لهذه الموانع الشرعية، بين من اعتبرها تتعلق بالموانع القانونية، ومن رأى أنها تتعلق بموانع إسلامية ومنها عدم إمكانية إبرام عقد زواج المسلمة على غير المسلم.
ورأى المصدر ذاته أنه كان من المفروض انتظار تقرير لجنة الحريات التي أعلن رئيس الجمهورية عن تشكيلها من أجل النظر في مسألة المساواة التامة في الميراث وزواج التونسية بأجنبي غير مسلم.
وأضاف المصدر أن هذه اللجنة ستنظر في المقترحين وتقدم تقريرا لرئيس الجمهورية الذي يتقدم بدوره بمبادرة تشريعية في الموضوع إلى مجلس النواب.
وقالت عضوة لجنة التشريع العام بالبرلمان والقيادية في حركة النهضة، سناء المرسني، "إن هذه المناشير يتم إلغاؤها بأوامر وليس هناك أي إشكال في ذلك، لكن المناشير المتعلقة بالزواج بأجنبي لا تقتصر على المناشير الصادرة عن وزارة العدل وإنما هناك مناشير أخرى تنظمها صادرة عن وزارة الداخلية".
ورأت سناء المرسني أن موضوع زواج التونسيات بغير المسلمين يحتاج إلى حوار معمق ودراسة تسلط الضوء على هذه المناشير وانعكاساتها على الأسرة والمجتمع.
مكسب جديد
من جهتها، اعتبرت النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس وعضوة لجنة الحريات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، بشرى بالحاج حميدة، أن إلغاء مناشير منع زواج التونسية بأجنبي غير مسلم يعتبر تحقيقا لمطلب من مطالب المجتمع المدني منذ عشرات السنين.
ورأت عضوة لجنة الحريات في حديثها مع "أصوات مغاربية"، أن إلغاء هذا المنشور سيفسح المجال لتسوية وضعيات العديد من التونسيات كن قد تزوجن من أجانب ويواجهن صعوبات إدارية.
واعتبرت بشرى بالحاج حميدة أن "قرار الإلغاء مكسب وتونس دائما في المقدمة".
ومن جهته، رحب النائب عن الكتلة الديمقراطية غازي الشواشي بإلغاء المناشير المتعلقة بمنع زواج التونسيات بغير المسلم، معتبرا أنها مناشير غير دستورية.
وقال الشواشي إن "هذه المناشير تمس بالحقوق والحريات وإلغاؤها مسألة عادية جدا، وعلى الحكومة مراجعة مختلف المناشير التي تتعارض مع الدستور".
ورأى الشواشي أن زواج التونسية بغير المسلم يدخل في باب الحريات، فالمرأة حرة في اختيار زوج مسلم أو غير مسلم.
وأضاف محدثنا: "من النفاق والكذب اللجوء إلى مفتى الجمهورية وإعلان غير المسلمين إسلامهم لمجرد الرغبة في الزواج بمسلمة، نحن في دولة مدنية ترعى حرية المعتقد والضمير".
مخالفة للشرع والقانون
وبخلاف ما ذهب إليه البعض، رأى وزير الشؤون الدينية السابق، نور الدين الخادمي، أن هذا الإلغاء مخالف للشرع والقانون.
وبين الخادمي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن السماح بزواج التونسيات بغير المسلم يتعارض مع الشرع الإسلامي، خاصة وأن الدستور ينص على أن الإسلام دين الدولة التونسية.
كما أن هذا السماح يعتير، وفق المصدر ذاته، "مخالفا للقانون وللفصل الخامس من مجلة الأحوال الشخصية ومخالفا للعرف والعادة التي جرى بها العمل في تونس منذ سنوات".
وقال وزير الشؤون الدينية السابق إن "مجلس النواب والمؤسسات القانونية والقضائية يجب أن تعارض هذا الإلغاء".
المصدر: أصوات مغاربية