"اسمي داود، وأصلي من مدينة جرجيس جنوب تونس. أعيش في فرنسا منذ حوالي ثماني سنوات، بينما زوجتي وأبنائي يقيمون في تونس. مهنتي خباز وبها أضمن قوت يومي هنا في بلاد المهجر. سبق وأن زاولت هذه المهنة في أماكن عديدة بين تونس وفرنسا، وحاليا أشتغل في مخبزة، ضواحي باريس.

اعتدت مع انتهاء يوم عملي، أن أملأ كيسا بلاستيكيا بالخبز، ثم آتي إلى محطة قطار "شاتليه"، حيث يجتمع بعض اللاجئين السوريين أو الأشخاص الذين يعيشون في الشارع بلا مأوى، كي أوزع عليهم بعض الرغيف الطازج.

​​اليوم مررت بالمكان، حيث ألفت العثور على بعض هؤلاء الأشخاص بمحطة ميترو باريس، لكنني لم أجدهم، لعلهم اختبأوا في مكان ما، بسبب البرد أو خوفاً من المطر. 

وحتى أنهي مهمتي التي جئت لأجلها، اخترت هذا المساء توزيع كمية الخبز، التي جلبتها، على أشخاص عاديين، ومن المارين بالمحطة الذين ينتظرون قطار العودة لبيوتهم، واستغرق مني الأمر وقتاً طويلا قبل إتمام المهمة. فالعديد منهم اعتذروا عن تقبل رغيف الخبز الطازج، ومنهم من تضايق للأمر ورفضه أصلا. ولكنني أتفهم أن مثل هذه الثقافة غير شائعة هنا في بلاد الغرب.

أتمنى أن تشيع ثقافة مد يد العون للآخر والإحسان إليه، دون الحكم على النوايا، لنعيش في عالم أفضل".

(داود – فرنسا)

مواضيع ذات صلة