"عملت لسنين طوال جزارا في أحد الأحياء القريبة من العاصمة تونس، حيث تقطن عائلتي. حبي لهذه المهنة جعلني حريصا على أدائها على أحسن وجه، وحتى في أصعب الظروف التي واجهتني، كنت أحرص دوما على تقديم أفضل خدمة لزبائني.
أفتح المحل كل صباح ولا أغادره إلا بعد إنهاء عملي كاملا. لطالما كنت أشعر بسعادة بالغة، وأنا أقدم خدماتي لزبائني، فقد أصبحوا في وقت وجيز أصدقاء مقربين، يشاركونني السرّاء والضرّاء.
في هذه السنوات تغيرت في حياتنا أمور كثيرة، وتغيرت معها مهنتي، من جزار إلى سائق سيارة أجرة، لكن حرصي على إتقان عملي لم يتغير يوما، مهما كانت المهنة، فقناعتي راسخة أن النجاح في أي عمل، يتطلب شغفا بالمهنة التي نمارسها.
أُقِلُّ يوميا عشرات الأشخاص على سيارة الأجرة ، ولكل راكب مغامراته وتجاربه في هذه الحياة، بعضهم يشاركني إياها، لكن لاحظت أن أغلبهم لا يرتبط بمهنته إلا عن طريق راتبه الشهري، وهي عقلية أمقتها كثيرا، لأنه لا يمكن لأي شخص إتقان عمله ما لم يكن شغوفا به".
(الطاهر، تونس)