أثارت تصريحات لرئيس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات في الجزائر، عبد الوهاب دربال، بشأن "لجوء حزب سياسي إلى شراء مقاعد في البرلمان بالأموال"، النقاش مجددا حول وجود فساد سياسي في البلاد.
ومع كل انتخابات تكثر الاتهامات عن شراء أحزاب أصوات الناخبين أو عن شراء رؤوس القوائم الانتخابية من طرف رجال أعمال للفوز بمقاعد في البرلمان، لكنّ أحدا لم يثبت هذا أمام العدالة.
بداية القصة
تصريح دربال كان موجّها إلى رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، الذي اعترف، سابقا، بأن حزبه "اضطر لدفع أموال نظير الحصول على مقعد في البرلمان خلال التشريعيات التي جرت في الرابع من ماي الماضي".
واعتبر رئيس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات تصريحات تواتي "جريمة يعاقب عليها القانون وتستدعي تحرك النيابة العامة أمام العدالة".
وكان موسى تواتي أضرب عن الطعام عقب إعلان النتائج الرسمية للتشريعيات الماضية، بعدما لم يُستجب لمطالبه بمنحه مقعدا وحيدا في البرلمان، قال إنه فاز به في ولاية غليزان، غرب العاصمة.
المشكلة في العدالة
واتصل موقع "أصوات مغاربية" برئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، لمعرفة حقيقة ما حصل، فقال إن حزبه دفع أموالا لموظفين في الإدارة، حتى يسلموه محاضر تثبت أنه فاز بمقعد في التشريعات السابقة.
وأضاف تواتي: "اشترينا محاضر الفرز لنثبت حقنا في مقعد برلماني حصلنا عليه بقوة القانون وبقوة الأصوات التي جمعناها، لكن السلطات حرمتنا منه، وقتها".
وأردف تواتي: "نحن اتهمنا الإدارة بالتزوير وليس الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، التي يشرف عليها عبد الوهاب دربال، وقد قدمنا طعونا له بخصوص مقعدنا المُستحقّ، لكنه لم يستجب لنا ولم يستطع حل هذا المشكل، لهذا لجأنا إلى شراء المحاضر، وقد استرجعنا حقنا".
من جهة أخرى، قال تواتي إن الفساد السياسي بات أمرا واقعا لسبب واحد هو غياب العدالة، مستطردا: "مادامت العدالة ليست مستقلة، والقاضي معين بمرسوم رئاسي ويخضع للوزير وللسياسي، وفي غياب هيئة مستقله تحاسب القاضي على تطبيق القانون، فالفساد سيبقى سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفي كل المستويات".
الفساد في النظام السياسي
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر، شريف اسمايلي، إن "السبب في الفساد السياسي هو غياب هيئات سيادية مستقلة تضمن المساواة بين الجميع سلطة وأحزابا في الممارسة السياسية".
وأفاد اسمايلي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن "خطاب السلطة بوجود انتخابات نزيهة لا يقنع أحدا، لأن الجمهور يعلم أن أصل الفساد هو في السلطة، فهي التي تصادر الحريات وتضيق على الإعلام وتكسر الأحزاب، فهل سيثق أحد في هذه السلطة!؟"
وأضاف اسمايلي: "رغم أن الفساد في الأنظمة السياسية ظاهرة قديمة، إلا أن من الأسباب التي تُفاقمه غياب عدالة سيدة في قراراتها، فهي بدورها خاضعة لسلطة الحاكم".
وختم اسمايلي بالقول: "مشكل آخر وراء استشراء الفساد، وهو عدم وجود مجتمع مدني حقيقي، يعمل بين الأوساط الشعبية لتوعيتها، فجمعيات المجتمع المدني، كثيرا ما تكون مبنية على الولاء للسلطة وتستفيد من أموالها، وما ترفعه مجرد شعارات وخطاب شعبوي لا صلة له بواقع الناس، لذلك لم تعد الجماهير تصدق أحدا".
المصدر: أصوات مغاربية