الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يسلم على نجله حافظ (2016)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يسلم على نجله حافظ (2016)

يعد ملف توريث الحكم ملفا قديما في تونس، إذ أفشلت الثورة التونسية، حسب تقارير نقلتها وسائل إعلام محلية، مخططا كان يهدف إلى نقل السلطة من الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي إلى صهره.

ويعود ملف التوريث إلى الواجهة السياسية التونسية بقوة، بعد أكثر من 7 سنوات على تلك الثورة التي أطاحت بالنظام السابق أواخر عام 2010.

ويتخوف جزء من المعارضة التونسية من أن يسعى الرئيس الحالي، الباجي قائد السبسي، إلى توريث نجله السلطة في قادم السنوات.

غير أن حزب "نداء تونس"، صاحب الأغلبية في تشكيلة الحكومة الحالية والفائز بالانتخابات التشريعية الأخيرة، يقلل من أهمية تلك المخاوف ويؤكد أن مسألة التوريث ليست إلا "فرقعات إعلامية".

​​إرث تاريخي

يرى النائب عن الجبهة الشعبية، أيمن العلوي، أن "ثقافة حكم العائلات مترسخة تاريخيا في تونس، فأصهار الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، كانوا على ارتباط وثيق بالسلطة، وكذلك كانت زوجة الرئيس الحبيب بورقيبة، وصولا إلى بايات تونس عندما كانت لعائلاتهم سطوة كبيرة".

وعن وجود مساع للتوريث بتونس في الوقت الراهن يقول النائب المعارض، في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "دخول ابن الرئيس في الحياة السياسية التونسية بصفة مفاجئة يعد مؤشرا قويا في هذا الإطار".

ويشير العلوي أيضا إلى أن "السبسي-الابن أصبح له دور كبير في السياسة التونسية، إذ يضطلع بدور المفاوض الأبرز في تشكيل الحكومات في البلاد، وقد أصبح محطّ الأنظار على المستويين الإقليمي والدولي".

​​ويضيف المتحدث ذاته: "المعارضة لديها مخاوف بخصوص المسار الثوري، فالشعب انتفض ضد حكم العائلة الحاكمة السابقة، إلا أن هناك في تونس اليوم من يسعى إلى تكرار هذه التجربة".

ويردف أيمن العلوي: "هناك من يرغب في إعادة العائلات إلى تصدر المشهد السياسي فيما يعمل جزء آخر على التأسيس للدولة المدنية ولتونس جديدة تقطع مع عقلية الملكيات وحكم العائلات".

شروط التوريث

في الجهة المقابلة، يرى رئيس كتلة "نداء تونس" في البرلمان، سفيان طوبال، أن "للتوريث شروطا معينة، من بينها فرض المسؤولين لذويهم بالقوة وهذا ما لا أثر له في تونس، فالرئيس الباجي قائد السبسي لم يفرض ابنه على الساحة السياسية".

ويضيف طوبال لـ"أصوات مغاربية": "السبسي-الابن مسؤول بحزب نداء تونس، تدرج في مسؤوليات عدة إلى أن وصل إلى منصب المدير التنفيذي عن طريق انتخابات، وبالتالي فقصة التوريث غير صحيحة".

ويتابع المسؤول في حزب "نداء تونس" قائلا: "حافظ قائد السبسي يمارس السياسة، وكونه نجل الرئيس فهذا لا يعني أن يدفع الفاتورة، ومن حقه الترشح لأي منصب".

وعن استعدادات الحزب لترشيح السبسي-الابن لمنصب في البرلمان يقول طوبال: "هذا ليس توريثا، من حقه أن يترشح لأي منصب يريده عن نداء تونس، فهو عضو مؤسس ومن الأعضاء الذين يشتغلون بصفة كبيرة".

​​ضغوط ومؤشرات 

يعتقد المحلل السياسي، مصطفى القلعي، أن "السبسي-الأب يتعرض لضغوط عائلية كبيرة من أجل تسريع إتمام ملف توريث الحكم لنجله حافظ قائد السبسي".

ويقول القلعي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "هناك العديد من الإشارات التي تدل على أن الرئيس السبسي يسعى إلى توريث نجله وإعطائه أدوارا أكبر".

ويشير المحلل السياسي ذاته إلى أن "قضية التوريث بدأت بالظهور إلى العلن بعد الصراعات الكبيرة التي عاشها حزب نداء تونس إثر الفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة".

ويردف المتحدث نفسه: "لضمان سيطرته على الحزب قام السبسي-الابن بتصفية كل خصومه داخل نداء تونس ما جعل الساحة أمامه خالية من كل العقبات، إذ دخل في معارك كبرى مع الشخصيات القوية بالحزب على غرار محسن مرزوق ورضا بلحاج ولزهر العكرمي وغيرهم".

ويؤكد المحلل السياسي أن "العلامة الثانية على أن السبسي-الابن يسعى لوراثة منصب والده، ظهرت خلال التعديل الوزاري الأخير"، مضيفا: "تم إلحاق نائب عن نداء تونس في دائرة ألمانيا بالحكومة الجديدة بهدف خلق شغور على مستوى البرلمان، ومن هناك سيتم ترشيح حافظ السبسي لهذا المنصب الشاغر عن طريق انتخابات جزئية لن يجد فيها مرشح نداء تونس منافسا قويا".

ويضيف القلعي موضحا: "دخوله إلى البرلمان سيغير الكثير من المعادلات داخله، ومن المنتظر أن يرأس نجل الرئيس الكتلة البرلمانية لحزبه ومن ثمة سيسعى إلى إزاحة رئيس البرلمان محمد الناصر (عن حزب "نداء تونس") من منصبه على اعتبار أنه رجل مسن يصعب عليه إدارة كل الملفات".

ويؤكد القلعي أن "الوصول إلى رئاسة البرلمان سيتيح، قانونيا ودستوريا، للسبسي-الابن أن يقفز إلى منصب رئاسة الجمهورية في حال حدث أي شغور في القصر الرئاسي بقرطاج".

وعن حظوظه في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة في العام 2019 يقول المحلل السياسي: "أعتقد أن الرئيس التونسي الحالي لن يقدم على الترشح لولاية ثانية بسبب تقدمه في السن، لهذا تبقى احتمالات ترشح ابنه للانتخابات القادمة ماثلة بقوة وهي تسويات سيقدم عليها السبسي-الأب".

جدل النقاش

من جهته، يلخص المحلل السياسي، باسل الترجمان، الحديث عن ملف التوريث في تونس في أنه "محاولة من أطراف سياسية بعينها لإثبات وجودها من خلال اختلاق أزمات لا وجود لها بالأساس".

​​ويقول الترجمان في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "يمكن أن يكون الحديث عن توريث رئيس الجمهورية نجله السلطة مسألة تصفية حسابات مع الرجلين، لكن على أرض الواقع فهذا الطرح غير موجود، إذ لا توجد دعوة لانتخابات سابقة لأوانها أو مبادرة لتغيير الدستور".

ويضيف: "كل الأحزاب السياسية التونسية تعي تمام الوعي أن زمن الديكتاتورية ولى وانتهى وأن الشعب التونسي لن يرضى بقدوم حاكم مستبد".

وعن رغبة السبسي-الابن في الوصول إلى قصر قرطاج من بوابة البرلمان التونسي الذي يستعد لدخوله في الأسابيع المقبلة، يقول الترجمان إن "هذه السيناريوهات عبثية تماما، والأطراف السياسية التي تروج لها غير معنية بما ينتظر البلاد في 2018 وهو عام تنتظر فيه تونس العديد من الاستحقاقات الاقتصادية الصعبة".

​​

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة