الرئيس التونسي باجي قائد السبسي والجنرال الليبي خليفة حفتر
الرئيس التونسي باجي قائد السبسي والجنرال الليبي خليفة حفتر

أثار اللقاء الذي جمع بين الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، اليوم الاثنين، تساؤلات عديدة لدى الرأي العام في تونس بشأن القضايا التي تم تباحثها بين الطرفين.

وعلى الرغم من أن الرئاسة التونسية أكدت أن اللقاء جاء في إطار جهودها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء في ليبيا، إلا أن خبراء في الشأن الليبي وضعوا اتفاق الصخيرات والخارطة السياسية في ليبيا علاوة على ملفات الأمن والاقتصاد ضمن أبرز المحاور التي من المرجح أن يكون الطرفان قد تباحثا فيها.

"لقاء لتقريب وجهات النظر"

وذكرت الرئاسة التونسية، في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أن اللقاء يأتي في "إطار الجهود التونسية المبذولة من أجل التقريب بن الفرقاء الليبيين وتشجيعهم على الحوار والتفاهم لإيجاد تسوية سياسية شاملة للأزمة في ليبيا".

ودعا الرئيس التونسي بحسب البيان "مختلف الأطراف الليبية إلى ضرورة تجاوز خلافاتها عبر الحوار والمصالحة والإنصراف إلى بناء الدولة وتركيز مؤسساتها بما يعود بالخير على الليبيين ويعزّز مقومات الأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة بأكملها".

وأبرز الرئيس التونسي حرص بلاده "على عدم التدخل في الشأن الداخلي لليبيا ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف ودعوتها المستمرة إلى ضمان وحدة ليبيا وأمنها واستقرارها".

من جهته، قال قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر بحسب فيديو نقله موقع الرئاسة التونسية إن اللقاء "تناول خصوصا الوضع في ليبيا التي تعرضت لهجمة خطيرة من قبل الإرهابيين، ولكن لدينا جيش قوي تصدى لهذه المجموعات وفي الفترة القريبة القادمة ستنتهي قصة الإرهاب في ليبيا".

وأضاف حفتر: "تونس من الدول الجارة التي وقفت سياسيا بقوة مع ليبيا، ونحن سعداء بموقفها على الرغم من الظروف التي تمر بها ولدينا رؤى متوافقة".

وعلى الرغم من هذا الإعلان الرسمي، إلا أن خبراء في الشأن الليبي أشاروا في تصريحات لـ"أصوات مغاربية" إلى عدد من الملفات الأخرى المهمة التي تمت مناقشتها.

حول اتفاق الصخيرات

يرى الخبير التونسي في الشأن الليبي، مصطفى عبد الكبير، أن زيارة قائد الجيش الليبي خليفة حفتر إلى تونس تأتي في إطار جهود تعديل اتفاق الصخيرات.

وتم توقيع اتفاق بين عدد من الفرقاء الليبيين بإشراف الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات المغربية نهاية العام 2015، لكن عوامل كثيرة حالت دون تطبيق بنوده بالكامل.

ويقول عبد الكبير، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، إن زيارة حفتر إلى تونس تأتي "تلبية لمساعي الرجل من أجل تغيير بعض البنود المهمة في اتفاق الصخيرات".

ويؤكد المصدر ذاته أن اتفاق الصخيرات بالمغرب "استثنى" أطرافا مهمة في ليبيا على غرار أنصار النظام الليبي السابق وبعض القبائل الكبيرة في الجنوب وغيرها، والتي اتضح أنها "أطراف مهمة في أي عمليات توافق، وتبين أن آرائها ضرورية في الفترة المقبلة".

وبشأن حجم الدور التونسي في الخارطة السياسية الجديدة في ليبيا، يقول المحلل السياسي، مختار الدبابي إن "التوافق بين حزبي نداء تونس وحركة النهضة جعل تأثير تونس محدود في الملف الليبي".

ويضيف المحلل السياسي، في تصريحات لـ"أصوات مغاربية، أن "ما يروج عن دور زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في تقريب الحكومة التونسية من إسلاميي ليبيا المتحكمين في طرابلس غير دقيق".

​​الدور الدولي في ليبيا

يقول مصطفى عبد الكبير إنه من المنتظر أن تشمل زيارة خليفة حفتر إلى تونس لقاءات مع عدد من سفراء الدول والقوى الفاعلة في المشهد الليبي على غرار بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "لتنسيق الجهود بهدف الوصول إلى تسويات جديدة".

ويردف الخبير التونسي في الشأن الليبي أن هذه المشاورات "سوف تكون منطلقا لاتفاق جديد حول ليبيا قد يتم توقيعه في تونس وأبرز ملامحه الأولية هي تشكيل حكومة جديدة تتألف من ثلاثة رؤوس".

من جانبه، يرجح الدبابي أن تكون زيارة حفتر إلى تونس، التي دأب على انتقاد مواقفها، هي نتاج "ضوء أخضر دولي وليست زيارة شخصية لإذابة الجليد مع دولة يعتبرها أقرب لحكومة الوفاق التي يرأسها فائز السراج".

​​ويؤكد الدبابي وجود "ضغوط أوروبية" على حفتر من أجل "الانفتاح على دول الجوار، وخاصة تونس والجزائر، وعدم وضع بيضه في سلة مصر التي كان يتحرك دائما بالتشاور معها".

ملفات أخرى على طاولة المباحثات

يتصدر ملف التنسيق الأمني من أجل محاربة التشدد القضايا التي تم بحثها من قبل الجانبين.

ويقول الخبير مصطفى عبد الكبير في هذا السياق إن "ملف التونسيين الضالعين في أعمال إرهابية والقابعين في سجون الشرق الليبي إلى جانب قضية الصحافيين التونسيين المخطوفين في ليبيا منذ 3 سنوات، سفيان الشورابي ونذير القطاري، ستهيمن على المباحثات بين السبسي وحفتر".

وكانت نقابة الصحافيين التونسين قد طالبت، في بيان أصدرته صباح الاثنين، إدراج ملف اختفاء الصحافيين على جدول أعمال اللقاء بين الرئيس التونسي وقائد الجيش الليبي.

من جانبه يرى المختص في الشأن الليبي، رافع الطبيب، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن زيارة حفتر إلى تونس هي بمثابة "صفحة جديدة" من أجل "تصحيح العلاقات بين الدولة التونسية وقائد الجيش الليبي الذي يعتبر الرقم الأصعب في المعادلة الليبية في الوقت الراهن".

ويوضح الطبيب أن قرار الرئيس التونسي استقبال حفتر يدشن "حقبة جديدة قوامها الاعتراف بأكبر القوى التي تحارب التشدد في ليبيا والتخلي عن فترة كانت تونس تتعامل فيها مع ميليشات مسلحة تشكل خطرا على أمنها القومي".

ويعتقد المتحدث أن تونس بحاجة كبيرة إلى التنسيق الأمني مع الجيش الليبي الذي يحارب مجموعات متشددة أغلب عناصرها تونسية، كما أن جماعات تابعة لهذا الجيش تسيطر على مناطق حدودية مع تونس.

​​وإلى جانب الملف الأمني، يرجح خبراء أن تكون ملفات التجارة والاقتصاد محور اللقاء بين الجانبين.

ويقول الدبابي في هذا السياق إن تونس "مضطرة للتعامل مع أي حكومات وقوى تدير طرابلس والمناطق الغربية ككل لاعتبارات تتعلق بالمعابر، والتبادل التجاري والاقتصادي، وخاصة تسهيل زيارة آلاف الليبيين الذين ينتقلون لتونس من أجل السياحة أو للاستفادة من الخدمات الصحية".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة