في ليلة 22 إلى 23 سبتمبر 1997، تسلل عشرات المسلحين تحت جنح الظلام إلى منازل المدنيين، بحي الجيلالي، وحي "بودومي" في بن طلحة، ببلدية براقي، جنوب العاصمة الجزائرية.
في صباح يوم 23 سبتمبر 1997، استيقظ الجزائريون على وقع المجزرة البشعة التي قالت الحكومة إن ضحاياها بلغ عددهم 85 قتيلا، بينما أشارت تقديرات بعض المصادر المستقلة إلى وقوع 400 قتيل، وهذه بعض الحقائق عن المجزرة الأكثر بشاعة، التي ارتكبها متشددون في الجزائر قبل 20 سنة من اليوم.
400 قتيل وشكوك
قالت تقارير صحفية أوروبية، وقتها، إن عدد ضحايا مجزرة بن طلحة بلغ 400 قتيل، ونشرت جريدة "ليبراسيون" الفرنسية على لسان أحد الناجين من المجزرة هذا الرقم، لتقوم بعد شهر من المجزرة ،أي يوم 23 أكتوبر 1997، بنقل شهادة هذا الأخير الذي فرّ إلى بروكسل، هربا من جحيم المتشددين.
وأشارت الصحيفة إلى إيحاءات بوجود تواطؤ رسمي، عندما ذكرت أن المجزرة جرت على بعد كيلومتر من مواقع أمنية في المنطقة، وهي نفس الإيحاءات والإشارات المباشرة وغير المباشرة، التي ظهرت عقب المجزرة، وتساءلت عن السر وراء عدم تدخل مصالح الأمن، خصوصا عقب صدور كتاب "من قُتل في بن طلحة" لمؤلفه نصر الله يوس، أحد الناجين من المجزرة.
واعتبرت الحكومة مثل هذه الآراء، محاولة لتبرئة الجماعات الإسلامية المتشددة من الجرائم التي ارتكبتها بحق المدنيين في الجزائر بكل بشاعة.
50 إلى 100 مسلح نفذوا المجزرة
تفيد تقديرات إعلامية بأن عدد المسلحين الذين ارتكبوا المجزرة البشعة في حي بن طلحة، يتراوح ما بين 50 و100 عنصر، وهو العدد الذي أكدته صحيفة "لوجان آفريك"، التي أشارت إلى أن المتشددين ارتكبوا المجزرة ما بين السابعة مساء من يوم 22 سبتمبر والساعة الرابعة من فجر يوم 23 سبتمبر 1997، وأن بعضهم تناولوا العشاء في بيوت الضحايا، قبل ارتكاب المجزرة، وأن أكثر من 400 شخص قتلوا تلك الليلة.
تساؤلات عدة حملتها تحقيقات الصحف ووسائل الإعلام حول المدة التي استغرقتها المجزرة، وغياب تدخل لإنقاذ السكان من يد المتشددين، رغم أن المنطقة السكنية محاطة بالعديد من المواقع الأمنية في تلك الفترة.
تحقيق فرنسي
قام صحفي فرنسي ولد عام 1966 بفرنسا، ونشأ في الجزائر بإنجاز تحقيق تلفزيوني بعنوان "تشريح مجزرة". الصحفي "جون بابتيست ريفوار"، أثار استياء الحكومة الجزائرية التي اتهمته بإثارة الشكوك، خصوصا بعد بث تحقيقات بعنوان "من قتل من؟"، و"الحرب الأهلية في الجزائر"، وذلك خلال عمله كنائب لرئيس تحرير قسم التحقيقات في قناة "كنال+" الفرنسية، التي أثارت تقاريرها حول الجزائر الكثير من الجدل.
في سنة 1999، أي بعد سنتين من المجزرة كان تحقيق الصحفي" جون بابتيست ريفوار"، جاهزا وبعد بثه ردت عليه صحف محلية بقوة، معتبرة إياه تدخلا فرنسيا في الشأن الجزائري. التحقيق حمل مشاهد إنسانية قاسية لأهالي الضحايا الذين فقدوا أبناءهم في تلك المجزرة البشعة، التي ذهب ضحيتها الأطفال والنساء اللواتي تم اغتصابهن.
الصورة التي أبكت العالم
في غمرة تلك الأحداث القاسية بقرية بن طلحة، أين ارتكب المتشددون مجزرتهم البشعة، كانت امرأة تبكي نصف سكان الحي الذين قُتلوا هناك، تسلل مصور صحفي أين التقط صورة جابت العالم وتصدرت غلاف 750 مجلة وصحيفة عالمية.
كان ذلك المصور الصحفي حسين زروار من وكالة الأنباء الفرنسية، وكانت تلك أم السعد تبكي الضحايا ومتكئة على حائط بمستشفى مصطفى زميرلي بالجزائر العاصمة. أطلق عليها النقاد اسم "مادونا بن طلحة"، وتسببت الصورة في منع المصور من دخول الجزائر،وسحب الاعتماد منه بتهمة الإساءة إلى صورة البلاد.
المصدر: أصوات مغاربية