الاختلاس
الاختلاس

مع أولى خطوات الانفتاح الديمقراطي الذي جاء به دستور فبراير 1988، فجّر الوزير الأول ، وقتها، عبد الحميد الإبراهيمي فضيحة من العيار الثقيل، أُصطلح على تسميتها بقضية 26 مليار دولار، والتي تحوّلت إلى رمز للفساد في الجزائر، وفتحت الباب واسعا أمام المعارضين لإحراج النظام السياسي.

من فجّرها؟

يُعدّ عبد الحميد الإبراهيمي، أحد أكبر كوادر النظام السياسي للحزب الواحد إبان حكم الشاذلي بن جديد خلال الثمانينيات من القرن الماضي، وهو من مواليد 2 أبريل 1936، درس في الكلية الحربية لمدينة حلب بسوريا، وتولى رئاسة الحكومة الجزائرية خلال الفترة ما بين 22 يناير 1984، و 11 نوفمبر 1988، أي بعد نحو شهر من اندلاع انتفاضة 5 أكتوبر من نفس السنة.

سافر إلى خارج الجزائر، عقب تصريحه للصحافة المحلية بأن قيمة الاختلاسات التي تورط فيها مسؤولون كبار في الدولة بلغت 26 مليار دولار آنذاك، أقام بعدها في فرنسا، ثم هاجر إلى بريطانيا، حيث استقر في العاصمة لندن، ثم عمل أستاذا في عدة جامعات بريطانية وأميركية، إلى غاية عودته إلى الجزائر يوم 31 يناير 2016، أي بعد 25 سنة من الاغتراب.

​​جنرالات في قفص الاتهام

لم يعلن عبد الحميد الابراهيمي الذي تولى وزارة التخطيط قبل أن يقود الحكومة الجزائرية، أسماء معينة تكون وراء اختلاس 26 مليار دولار من عائدات النفط، لكن القضية تفجرت في فترة كانت تتجه فيها الجزائر نحو الانفتاح السياسي، بعد انتفاضة عنيفة قام بها شباب في العاصمة، ووسط البلاد يوم 5 أكتوبر 1988.

ورغم أنه لم يقدّم أي أدلّة مادية على تصريحاته،إلا أن الرأي العام التقطها كحقيقة، بعدما مرّت الجزائر بأزمة مالية واقتصادية عاصفة بداية من سنة 1986، تواصلت إلى مرحلة التسعينيات نتيجة تهاوى أسعار النفط في السوق الدولية، وهي أزمة مشابهة لما تمر به الجزائر الآن منذ 2012.

​​جنرال يرد

كان اللواء خالد نزار الذي تولى وزارة الدفاع خلال المرحلة الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، العسكري الوحيد الذي رد بأسلوب مباشر على تصريحات عبد الحميد الإبراهيمي، وانتقده بشكل حاد في تصريحات إعلامية عام 2009، وقال إن الابراهيمي يتحمّل مسؤولية الانتفاضة التي اندلعت عام 1988، بسبب السياسة الكارثية التي انتهجها عندما كان يقود الحكومة، ووصف تصريحاته حول 26 مليار دولار بالأكذوبة.

مسلسل من الفساد

منذ تصريحات قضية 26 مليار دولار، لم يعرف الجزائريون الكثير عن هذه القضايا، بحكم أنهم مروا بعد ذلك بأزمة اقتصادية كبيرة، إلى أن تفجرت قضية بنك الخليفة لصاحبه عبد المؤمن خليفة الذي جمع أموال المؤسسات العمومية في خزينة بنكه، ثم حولها للخارج، ما ألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد.

وفي ظل البحبوحة المالية التي مرت بها الجزائر، عجّت أروقة المحاكم بعشرات الفضائح المالية في المؤسسات العمومية، خصوصا في قطاع البنوك، والصفقات العمومية وغيرها.

و يتساءل الكثير من الناشطين عن طريقة إنفاق 800 مليار دولار من عائدات النفط خلال السنوات العشر الماضية، منتقدين سوء التسيير والفساد الذي استشرى في المؤسسات العمومية.

​​

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة