انتشار ملحوظ للتجارة الإلكترونية في ليبيا

تثير النقاشات حول ميزانيات تونس جدلا كبيرا في أوساط المال والسياسة والإعلام، خاصة منذ ثورة يناير 2011، وما رافقها من ارتفاع في هامش الحريات ما جعل الانتقادات والتعبير عن الرفض أمرا متاحا.

وعلى الرغم من أن الحكومة التونسية لم تكشف بعد عن مشروعها لميزانية العام المقبل، فإن ما تسرب من الاجتماع الذي دار بين وفد من وزارة المالية والمجلس الوطني للجباية أعطى لمحة عن الخطوط العريضة التي ستميز الميزانية الجديدة.

"ضرائب متصاعدة"

تتضمن المقترحات الأولية لمشروع قانون المالية للعام المقبل فرض ضرائب جديدة تهم أكثر من قطاع، بحسب ما نشرته وسائل إعلام محلية في الأيام الأخيرة.

​​وتتجه الحكومة التونسية نحو إقرار ضرائب جديدة تمس العديد من المجالات الحيوية على غرار قطاع التأمين وبعض المنتجات الاستهلاكية كالتبغ والكحول والسيارات السياحية والطوابع الجبائية ومعاليم السفر إلى الخارج (من 60 دينار إلى 80 دينار) وجولان السيارات ( 25 في المائة) وخدمات الهاتف والإنترنت (20 في المائة) والرفع في الضرائب على القيمة المضافة لبعض المهن الحرة كالمحاماة والطب والهندسة (من 12 في المائة إلى 18 في المائة).

وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تبقى مجرد اقتراحات حكومية ستعرض للنقاش الواسع مع منظمات المجتمع المدني القوية كاتحاد الشغل ومنظمة الأعراف، قبل إقراراها وعرضها على البرلمان من أجل المصادقة عليها، فإنها توضح مسار الحكومة الذي يتجه نحو تحصيل المزيد من الموارد للدولة عبر فرض الضرائب.

وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد أعلن في أكثر من مرة نيته اتخاذ إجراءات مؤلمة تهدف لحلحلة الأزمة الاقتصادية الراهنة ما انعكس على المقترحات الأخيرة بشأن ميزانية الدولة للعام المقبل.

ويقول الخبير الاقتصادي وليد بن صالح إن "الاتجاه لفرض المزيد من الضرائب سيؤدي إلى الرفع من نسب التضخم المرتفعة أصلا".

​​ويضيف بن صالح، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الضغط الجبائي على المنتجين "سيساهم في ارتفاع الأسعار الأمر الذي سيدفع المواطن أيضا إلى الاستهلاك من السوق الموازية، وهو ما يتعارض مع سياسات الدولة الهادفة إلى ضرب التجارة الموازية وخنق التهريب".

وأكد المتحدث ذاته على أن الضغط الجبائي المستمر سيدفع إلى المزيد من عمليات التهرب الضريبي وعدم استخلاص العديد من المستهدفين لواجباتهم الجبائية تجاه الدولة نظرا لارتفاعها بشكل كبير.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن الاستثمار أيضا سيكون أكبر المستهدفين، لأن "وجود ضغوط جبائية كبيرة سيساهم في عزوف رؤوس الأموال عن خلق مشاريع جديدة".

الضرائب والأزمة

يرى الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن المقترحات الجديدة من شأنها أن تساهم في تعميق أزمة تونس الاقتصادية.

ويقول سعيدان، في تصريح لـ'أصوات مغاربية'، إن "التسريبات التي تخص الميزانية الجديدة من شأنها تعقيد وضعية المؤسسات الاقتصادية والأفراد على حد السواء".

ويوضح الخبير الاقتصادي أن القدرة الشرائية للتونسي في تراجع مستمر منذ 2011، وتكبيده أعباء مالية جديدة "سوف يحد من قدراته على الاستهلاك والادخار"، واستطرد بالقول: "الشركات الخاصة ستجد نفسها في مواجهة ضغوط جبائية كبيرة مما سيعرقل قدرتها على المنافسة، وبالتالي سوف تتراجع إمكانياتها في خلق الثروة وإحداث مناصب الشغل".

ويدعو عز الدين سعيدان القائمين على القطاع المالي إلى "التفكير في ترشيد نفقات الدولة، للحد من الدين العمومي الذي ارتفع بنسبة 14 في المائة منذ 2011، بدلا من فرض المزيد من الأعباء على التونسيين".

أما رئيس مركز البحوث الاقتصادية والخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، فيعتب أن رفع الضرائب "ليس حلا للمعضلة الاقتصادية التونسية"، ويتابع قائلا: "للاقتصاد عموما محركات ثلاث هي: الاستثمار الخاص والتصدير والاستهلاك، وعلى اعتبار أن المحركين الأولين شبه معطلين في تونس، فإن الإجراءات الجديدة تهدد بتعطيل المحرك الثالث إذ ستحد الضرائب من قدرات التونسيين على الاستهلاك".

"غضب شعبي"

عادة ما اقترنت قرارات الحكومات المتعاقبة فرض ضرائب جديدة باندلاع موجات من الاحتجاجات الشعبية للتعبير عن الرفض لإثقال كاهل التونسيين بالمزيد من الأعباء.

ولا يستبعد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن تؤدي الزيادات الضريبية إلى "غضب شعبي واحتجاجات اجتماعية".

ويشاطر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي هذا الرأي مؤكدا على أن "الضرائب الجديدة ورفع الدولة يدها عن دعم السلع الأساسية وانحدار قيمة الدينار سوف يدفع الشارع التونسي إلى الخروج وسيؤدي إلى احتقان اجتماعي مرتقب".

​​ويقول الشكندالي أن" الإجراءات الجديدة ستعمق تدهور المقدرة الشرائية للمواطن التونسي ما سيدفع النقابات في ذلك الوقت للمطالبة بالزيادة في الأجور وهذا الأمر لن يكون ممكنا في ظل التزامات تونس مع الجهات المانحة'.

من جانبه يعتبرالمؤرخ والباحث في الجامعة التونسية، علية عميرة الصغير، أن هناك اقترانا وثيقا عبر التاريخ بين الانفجارات الاجتماعية وغلاء المعيشة وتزايد الأعباء الجبائية.

ويُذكر الصغير في هذا الصدد بـ"ثورة علي بن غذاهم" في 1864 التي تفجرت إثر زيادة كبيرة في الجباية إضافة إلى ما يعرف إعلاميا بـ"انتفاضة الخبز" في العام 1984 والتي أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى بعد مواجهات مع أجهزة الشرطة "بسبب رفض المتظاهرين للزيادة في سعر الخبز".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة