يعتبر الأمين العام لـ"حركة مشروع تونس" محسن مرزوق أحد أكثر الشخصيات السياسية المثيرة للجدل في الساحة السياسية.
ويصنف مرزوق لدى مناصريه على أنه "زعيم حداثي مناهض للتيارات الرجعية" فيما يرى فيه خصومه "سياسيا متعطشا للوصول إلى أعلى هرم السلطة".
وبغض النظر عن الاختلافات الكبيرة القائمة حول شخصية مرزوق السياسية، فالثابت أن تحركاته وتصريحاته تحظى بمتابعة واسعة من قبل أعدائه قبل مؤيديه.
مرزوق و اليسار
محسن مرزوق ليس بجديد على الساحة السياسية التونسية، فقد عرف منذ مراحل مبكرة بنشاطه المكثف ضمن الحركات اليسارية المعارضة في الأوساط الجامعية.
وبفضل "جملة من السمات" التي تميز شخصيته، استطاع مرزوق أن يشق طريقه داخل المنظمات النقابية الطلابية بنجاح إلى أن وصل إلى مناصب قيادية بحركة الوطنيين الديمقراطيين داخل الجامعة.
كان مرزوق واحدا من الطلبة الأكثر شراسة في الدفاع عن حقوق"البروليتاريا" والفقراء قبل أن تطرأ على أفكاره جملة من التحولات، يعتبرها هو مراجعات فكرية فيما ينظر إليها رفاق الأمس كـ"خذلان للمبادئ".
عرف عن مرزوق أيام الجامعة، أنه كان خطيبا مفوها يجيد التعبير عن "هموم الشعب"، ويقول المحلل السياسي الأمين البوعزيزي لـ"أصوات مغاربية" إن "مرزوق كان صاحب قدرات خطابية عالية في السجالات التي كانت تدور آنذاك، إذ ينتمي إلى تيار يساري معروف بقوة خطابه، وقد كان الرجل يقود النقاشات ضد كبار القياديين الإسلاميين والقوميين واليساريين".
بعد انتهاء المرحلة الجامعية، انزوى مرزوق إلى العمل الجمعياتي والمدني، فانضم إلى مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية ومنظمة العمل الدولية والمؤسسة العربية للديمقراطية وغيرها، الأمر الذي يرى فيه الأمين البوعزيزي "نخبوية زائفة، ووفاء لخط انتمائه السياسي الذي عادة ما تنتهي قياداته إلى خدمة السلطة وتنقلب على مبادئ البدايات وقيم اليسار".
النجم التلفزيوني
بعد الثورة التونسية، قفز مرزوق من سفينة المنظمات الدولية لينكب على العمل السياسي، وبدأ التونسيون بالتعرف على هذه الشخصية السياسية عن كثب زمن حكم الترويكا (ائتلاف ثلاثي حاكم بين أحزاب النهضة والمؤتمر والتكتل).
وتصدر مرزوق المشهد السياسي التونسي، وكان نجما لا منازع له في البرامج التلفزية الحوارية ذائعة الصيت زمن حكم حركة النهضة رفقة حلفائها إثر انتخابات 2011.
واكتسب الرجل بفضل معارضته الشرسة للإسلاميين تأييدا واسعا من الرافضين لهيمنة الإسلاميين على تونس.
التحق مرزوق بحزب نداء تونس، في فترة كان الانتماء إليه ضربا من ضروب "خيانة الثورة"، ومن خلاله استطاع حجز مقعد قيادي أهله ليكون رمزا من رموز المعارضة.
هذا الخطوات عادت بوابل من الانتقادات على محسن مرزوق وأهمها أن الرجل "مستعد للتضحية بكل مبادئ الماضي في سبيل الوصول إلى مراكز الحكم".
ويرى المحلل السياسي، عبد الجليل معالي أن "مرزوق اختار أن يكون من مؤسسي نداء تونس، لوجود شخصية بحجم الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي ولتصوره أن الحزب (قيد الإنشاء يومئذ) كان يتوفر على كل المقومات التي تؤهله للوصول إلى السلطة".
عداء ثابت للإسلاميين
حافظ السياسي التونسي محسن مرزوق على قناعاته القديمة التي تعود لأيام الجامعة والمعادية لتيارات الإسلام السياسي.
العداوة القديمة للإسلاميين، كامنة في قناعات مرزوق السياسية إلى اليوم، ويعتقد الإسلاميون أن "لاءات مرزوق ضد تيارهم" ليست نابعة من عداء أيديولوجي أكثر من كونها تعود إلى مصالح سياسية بحتة.
ويرى عضو المكتب السياسي لحركة النهضة، محمد القوماني في تصريحات لـ"أصوات مغاربية" أن "التموقع السياسي لمحسن مرزوق ومؤسسته الحزبية هي التي تحدد موقفه من الإسلاميين، وهو ليس عداءا أيديولوجيا على غرار العداء الذي تكنه بعض الحركات اليسارية لحركة النهضة".
كثيرة هي التصريحات التي أطلقها مرزوق ضد التيارات الإسلامية فقد وقف ضد اعتماد الشريعة كمصدر للتشريع في الدستور التونسي، وعارض أسلمة التعليم والإعلام والنقابات، وكان مدافعا شرسا عن مدنية الدولة.
ويرى النائب عن حركة مشروع تونس، سهيل العلويني، أن محسن مرزوق يقف بقوة ضد التيارات ذات المرجعية "الإخوانية' التي تريد إقحام الدين في الشأن السياسي.
ويقول في تصريحات لـ"أصوات مغاربية" إن "الإسلام هو قاسم مشترك بين أغلبية التونسيين، ولا ينبغي أن يحتكر أي طرف سياسي مهمة التحدث باسمه".
حلم قرطاج يراود مرزوق
ترتكز هجمات خصوم مرزوق ضد سياساته على اتهامه بالتسرع في الوصول إلى سدة الحكم في أقرب الآجال.
ويعتبر بعضهم أن انفصال مرزوق عن حزب الرئيس ليس إلا إعلانا عن طموحات شخصية في قيادة البلاد في قادم المحطات الانتخابية بعد أن أسس مشروعه السياسي الخاص تحت اسم حركة مشروع تونس.
اتهامات يرى فيها النائب عن هذا الحزب، سهيل العلويني، مجانبة للصواب إذ يعتبر أن "الحزب ومن ورائه مرزوق لا ينكب اهتمامه على الوصول إلى السلطة أو التشبث بها بدليل انشقاقنا عن حزب نداء تونس الحاكم"، مؤكدا "لو كان هوس الحكم يتملكنا فعلا لما كنا قد غادرنا النداء و لانضم عدد من نوابنا الحاليين في البرلمان إلى الحكومات المتعاقبة".
معارضو محسن مرزوق ينتقدون فيه أيضا عدم توفره على برنامج سياسي حقيقي يؤهله للعب دور قيادي في حكم البلاد باستثناء دفاعه عن "تونس الحداثة" و"استماتته في استعداء التيارات الإسلامية".
ويقول المحلل عبد الجليل معالي إنه "في خطاب مرزوق لا أثر تقريبا لبرنامج اقتصادي واجتماعي واضح المعالم، وهو أمر تشترك فيه أغلب الشخصيات السياسية في الأحزاب الليبرالية، التي تركز على المقولات الحداثية والدولة المدنية وصون النمط المجتمعي، دون ولوج البرامج الاقتصادية التي تفترض تغييرات كبيرة في المناويل الاقتصادية".
اتهامات دأب على نفيها مناصرو الرجل، مؤكدين أن مرزوق "يقود حزبا سياسيا بأهداف وبرامج واضحة تؤهله لقيادة البلاد".
ويؤكد سهيل العلويني، النائب عن حزب مرزوق، في هذا الصدد أن "لحركة مشروع تونس أهداف وبرامج تهم المستويات الاقتصادية والاجتماعية، ومحسن مرزوق أمين عام للحزب ملتزم ببرامجنا، وبكل ما يصدر عن اجتماعاتنا ومؤسسات الحزبية من قرارات".
المصدر: أصوات مغاربية