السعيد بوتفليقة
السعيد بوتفليقة

قبل أن يمرض أخوه الرئيس، لم يكن السعيد بوتفليقة سوى صورة تظهر إلى جانب شقيقه في خرجاته الرسمية، لكن ظهوره اللافت كان منذ أن ضربت جلطة دماغية عبد العزيز بوتفليقة ذات أبريل 2013 فأقعدته عليلا، ومن يومها صار السعيد حديث الناس والإعلام.

فمن يكون هذا الرجل، الذي "يُتّهم" اليوم بالسعي إلى خلافة شقيقه على رأس الجزائر؟

شيوعي ونقابي جامعي

ظل السعيد بوتفليقة معروفا في الأوساط الجامعية فقط قبل سنة 1999، وهي السنة التي رافق فيها بوتفليقة إلى قصر الرئاسة مستشارا خاصا.

فالسعيد، قبل العام 1999، أستاذ محاضر في جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيات، تخصَّص في الذكاء الاصطناعي، كما كان من الناشطين في الحزب الشيوعي الجزائري.

السعيد بوتفليقة (يمين الصورة) إلى جانب الوزير الأول أحمد أويحي
السعيد بوتفليقة (يمين الصورة) إلى جانب الوزير الأول أحمد أويحي

​​وُلد في الأول من يناير 1958 في وجدة بالمملكة المغربية، وهو أصغر إخوته؛ عبد العزيز وعبد الغني ومصطفى، وبعد الاستقلال سنة 1962 عادت عائلته إلى الجزائر.

درس كل الأطوار التعليمية في الجزائر إلى أن حصل على درجة مهندس من جامعة باب الزوار، وفي 1983 طار إلى باريس ليواصل دراسته، أين نال الدكتوراه من جامعة بيير وماري كوري، ثم عاد إلى الجزائر سنة 1987 ليشتغل في الجامعة.

من الجامعة إلى قصر الرئاسة

ظل السعيد أستاذا ونقابيا حتى سنة 1999، وهي السنة التي فاز فيها شقيقه الأكبر عبد العزيز بالرئاسيات، وقد ألحقهُ مستشارا خاصا لديه، ومنذ ذلك الحين لم يغادر منصبه.

أشرف السعيد على إدارة حملات شقيقه الرئاسية في 2004 و2009 و2014، فكان يرافقه في كل خرجاته الرسمية إلى الولايات لكنه لم يكن يدلي بأية تصريحات رسمية، ما جعله بعيدا عن الأنظار إعلاميا وشعبيا، حتى وصفته وسائل إعلام محلية بـ"عين السلطان" التي تنقل له كل شيء.

​​ظلّ السعيد يظهر، أيضا، إلى جانب شقيقه وعائلته في بعض المناسبات، مثل استقبال نجم المنتخب الفرنسي الأسبق زين الدين زيدان، الجزائري الأصل، فضلا عن مرافقة شقيقه إلى مكاتب التصويت في الانتخابات، لكن هذه الخرجات بقيت صورة من دون تعليق في أذهان الجزائريين، إذ لم يكن أحد يتساءل عن "الرسالة" من وراء هذا الظهور، على اعتبار أنها خرجات مع العائلة والشقيق في نشاطات رسمية وغير رسمية، فضلا عن أن السعيد كان يحمل صفة مستشار الرئيس، ما سمح له بالتحرك بحرية.

مرض الرئيس.. الخروج إلى الأضواء

في أبريل 2013، نقلت برقية لوكالة الأنباء الجزائرية والتلفزيون الرسمي، خبرا حول إصابة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنوبة دماغية، وهنا فقط سيكتسح السعيد بوتفليقة المشهد السياسي بشكل لافت.

بدأ السعيد يكثّف خرجاته في الجنائز والوقفات التضامنية، فظهر في جنائز سياسيين وعسكريين ومثقفين؛ منها جنازة رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك وجنازة مستشار الرئيس بوعلام بسايح وجنازة اللواء فضيل إبراهيم الشريف.

​​كما خرج السعيد "متضامنا" مع الروائي ورفيقه السابق في الحزب الشيوعي، رشيد بوجدرة، ضد قناة فضائية، وتعرّض السعيد للطرد خلال تلك الوقفة، حيث خاطبه أفراد من الجمهور "إذهب.. لا نريدك هنا"!

نسج السعيد علاقات مع رجال الأعمال، أبرزهم على الإطلاق، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حدّاد، هذا الأخير تصادم مع رئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبون،، وبعد هذه الحادثة أُقيل تبون، ما جعل جزائريين يعلقون بأن "السعيد أقَال تبون".

وأثار تكريم جمعية "راديوز" الرياضية لسعيد بوتفليقة، في أغسطس الفارط، تساؤلا في الإعلام والشارع حول "نوايا" هذا التكريم، وحول ما إذا كان هذا "بوابةً جديدة" لترشيح سعيد لرئاسيات 2019.

"من حقه خلافة شقيقه"

قال الإعلامي والمحلل السياسي زكريا حبيبي إن ما يتم تداوله بشأن رغبة السعيد في خلافة أخيه الرئيس بوتفليقة غير ثابت "السعيد لم يُدْلِ بأي تصريح بهذا الشأن، حتّى إنه لم يُلمّح لذلك لا من قريب ولا من بعيد".

ورأى حبيبي في تصريحات لـ"أصوات مغاربية" أن كل ما يُقال "تأويلات تستند إلى الدور الكبير الذي لعبه السعيد خاصة بعد مرض الرئيس، حيث شكّل حلقة وصل بين الرئيس وبعض كبار المسؤولين في الدولة، وهذا راجع إلى عامل الثقة، فالرئيس قريب جدا من عائلته".

​​واعتبر  المتحدث ذاته أن قرب السعيد من شقيقه الرئيس أكسبه خبرة وتجربة كبيرتين، كما أن وظيفته كمستشار برئاسة الجمهورية، جعلته "رجل دولة قوي يُمكن التعويل عليه في خلافة شقيقه الرئيس، وهذا برأيي حق يكفله له الدستور الجزائري".

"لا دليل على التوريث"

من جهته، قال الإعلامي والأكاديمي الاجتماعي، حسان خلاص، إن السعيد بوتفليقة لم يكن بارز الظهور قبل التحاقه مستشارا خاصا لشقيقه سنة 1999.

وأفاد خلاص، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن السعيد "كان نقابيا وعضوا فاعلا في النقابة الوطنية لأساتذة التعليم العالي، شارك بقوة في إضراب 1996 في عهد وزير التعليم العالي الأسبق أبو بكر بن بوزيد".

​​وأضاف الأكاديمي الجامعي أن "السعيد يعرف بميوله اليسارية وتعاطفه مع حزب الطليعة الاشتراكية (باكس)، لكنه لم يكن معروفا بموقع قيادي بارز في الواجهة، غير أنه كان فعالا في إدارة التحركات الاحتجاجية حسب من عرفوه عن قرب".

وعن الأخبار التي تروّج حول استعداده لخلافة شقيقه على رأس البلاد، قال خلاص "ليس من السهل تأكيد ذلك، لاعتبار عدم وجود مؤشرات ملموسة تدفع في هذا الاتجاه، بل إن الأمر في نظري سابق لأوانه".

"الرئيس الفعلي للجزائر"

من جهته يؤكد رئيس حزب "جيل جديد"، جيلالي سفيان، أن السعيد بوتفليقة هو "الرئيس الفعلي للجزائر منذ مرض شقيقه".

وفي تصريحات لـ"أصوات مغاربية"، يشير جيلالي سفيان إلى أن "السعيد بوتفليقة يسعى لأحد هدفين، إما خلافة شقيقه أو التحكم في مقاليد الحكم بصورة تمكنه من اختيار من سيخلف شقيقه".

​​وأفاد سفيان "السعيد بوتفليقة حمى رجل الأعمال المقرب منه علي حداد في صدامه مع الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون، وظهور السعيد بتلك الصورة في جنازة رضا مالك وهو يتبادل الحديث والضحك مع حداد أثار الكثير من التساؤلات لدى الجزائريين حول علاقة الرجلين وما أعقبها من إقالة تبون، أعتقد أن الرجل بات يحمل حجما أكثر من مستشار رئيس".

وختم رئيس حزب "جيل جديد" بالقول: "أعتقد أن الرجل يقدّم نفسه للشارع، لكن الجمهور الجزائري لن يقبل بالسعيد إلا إذا فُرض عليه فرضا، وهنا أتساءل أيضا: هل سيتحرك الشعب ضد هذا؟".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة