Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

احتجاجات مطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام أمام البرلمان المغربي
احتجاجات مطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام أمام البرلمان المغربي

شهدت سنة 1993 تنفيذ "آخر" حكم بالإعدام في المغرب، في حق قائد الشرطة محمد مصطفى ثابت الشهير بـ"الحاج ثابت"، في قضية مثيرة شغلت الرأي العام الوطني حينها.

أزيد من عشرين عاما مرت على ذلك الحكم، لم يتم خلالها أبدا تنفيذه، إلا أنه وبالرغم من ذلك ما تزال المحاكم تنطق به.

العشرات من المحكومين بتلك العقوبة يقبعون في السجون، بعضهم قضوا سنوات طويلة داخلها وهم يترقبون ما قد يحمله الغد خصوصا في ظل عدم الإلغاء الصريح لتنفيذ العقوبة في القانون المغربي.

فما الذي يمنع المغرب من إلغاء تلك العقوبة رغم وقف تنفيذها لما يزيد عن العقدين؟

عقوبة الانتظار

المحامي عبد المالك زعزاع، يرجع الاستمرار بإصدار أحكام الإعدام إلى استمرار تواجدها في نصوص القانون الجنائي.

ويوضح زعزاع في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" أنه "إذا كان هناك من تغيير فإنه يجب على المشرع أن يتدخل في ذلك الاتجاه، أما والواقع كما هو عليه من الناحية التشريعية فإن القضاة ملزمون بتطبيق هذه النصوص التي هي بين أيديهم في الجرائم الخطيرة".

ويرى زعزاع أن عدم تنفيذ تلك العقوبة هو أمر "غير صائب" على حد تعبيره، معتبرا أن "عدم تنفيذ الإعدام عقوبة أخطر من تنفيذه" وذلك بالنظر إلى أثر ذلك على نفسية السجين.

"عندما نحكم على الإنسان بالإعدام ولا ينفذ عليه فهو يطبق عليه في كل لحظة من حياته السجنية لأنه يعيش باستمرار تحت ضغط هذه العقوبة الخطيرة" يقول المتحدث.

​​وعما إذا كان تنفيذ تلك العقوبة وارد في وقت ما ما دامت غير ملغاة بشكل صريح ضمن النصوص القانونية، يوضح زعزاع "التنفيذ وارد كما قد لا يرد وذلك حسب الأحوال".

وفي السياق نفسه يشير المتحدث إلى أن تنفيذ الإعدام في حق "الكوميسير ثابت" في بداية تسعينيات القرن الماضي جاء بعد فترة لم تكن تنفذ خلالها تلك العقوبة.

من ثمة يلفت زعزاع إلى "نقاش آخر يطرح له علاقة بالسياسة وحقوق الإنسان إذ قد يكون هناك اعتبار سياسي أو أمني والذي على أساسه قد تطبق العقوبة على أحدهم".

المرجعية الدينية

الناشطة الحقوقية والرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، من جانبها، تفسر استمرار إصدار أحكام بالإعدام رغم توقف تنفيذها منذ أزيد من عقدين بالقول إن "المغرب يريد أن يبقي هذه العقوبة تحت تصرفه" على حد تعبيرها.

وحسب الرياضي التي ذكًّرت في تصريحها لـ"أصوات مغاربية" بتضمن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة توصية تهم إلغاء تلك العقوبة، فإن هناك عدة أسباب تفسر "تقاعس وتردد" المغرب بشأن إلغاء عقوبة الإعدام من بينها أسباب سياسية وأخرى دينية.

​اقرأ أيضا: المغرب يقلب المعطف: الدين قبل حقوق الإنسان!

فعلى المستوى الديني مثلا تعتبر الرياضي أن "هناك تعامل ازدواجي وانتهازي مع المرجعية الدينية لتبرير بعض الأشياء والتغاضي عن أخرى" إذ توضح أنه في الوقت الذي يبرر عدم إلغاء الإعدام "بوجوده في نصوص دينية هناك العديد من الأمور الموجودة في النصوص الدينية وتم إلغاءها".

من جهة أخرى تنبه الرياضي إلى "توظيف عدد من الخطابات التي تقول إن إلغاء عقوبة الإعدام سيؤدي إلى انتشار الجريمة" مؤكدة على أن "الواقع يظهر العكس".

وحسب المتحدثة فإن "البلدان التي ألغت تلك العقوبة عرفت انخفاضا في معدلات الجريمة" مشددة على أنه "لا علاقة لعقوبة الإعدام بردع الجريمة".  

مسألة وقت

الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية)، محمد الصبار، من جانبه يرى أن "موضوع الإلغاء هو مسألة وقت ليس إلا وذلك بالنظر لعدد من التطورات التي طالت المنظومة القانونية من جهة والمنظومة الحقوقية من جهة أخرى".

من الناحية القانونية يلفت الصبار في تصريحه لـ"أصوات مغاربية" إلى كون "مشروع القانون الجنائي الذي سيعرض على البرلمان قلص الجرائم المعاقب عليها بالإعدام" معتبرا هذا الأمر بمثابة "تطور، وإن كان تطورا خجولا" على حد تعبيره.

أيضا يلفت الصبار إلى "ظهور ديناميات جديدة" تناهض تلك العقوبة، واصفا هذه "الديناميات" بـ"المؤشر الإيجابي الذي يجب أخذه بعين الاعتبار".

​​ويتابع الصبار مؤكدا "ينتظرنا عمل مكثف"، مردفا "ينتظرنا عمل تحسيسي توعوي تجاه الجهاز القضائي بصفة عامة، تجاه المجلس الأعلى للسلطة القضائية نظرا للاختصاصات الجديدة الممنوحة له بصفته يبدي رأيه الاستشاري حول السياسة الجنائية ببلادنا ويصدر تقريرا سنويا".

أيضا يشير المتحدث إلى "المحامين بصفة عامة، وخاصة المحامين الذين ينتصبون كمطالبين بالحق المدني دفاعا عن الضحايا أو ذوي الحقوق حتى لا يسايروا الحق العام أو النيابات العامة في ملتمسها الرامي إلى الحكم بالإعدام".

يشدد الصبار أيضا على ضرورة "مرافقة الضحايا وإقناعهم بأن الإعدام ليس حلا للمشكلة بل هو جزء من المعضلة".

​​ويرى الصبار أنه "لا بد أن يتحول موضوع إلغاء عقوبة الإعدام من شأن حقوقي إلى شأن مجتمعي"، وهو الأمر الذي "يتطلب استنفار الطاقات المتعددة والمتنوعة بما في ذلك رجال الدين المتنورين، والمبدعين".

وقد أبدى الصبار تفاؤله بشأن إلغاء عقوبة الإعدام "خاصة أنها لا تنفذ" مؤكدا أنه "لا جدوى من إصدار أحكام يعلم القضاة أنها لا تُنفذ لأن قوة الأحكام المادية تتجسد في تنفيذها وليس في تعطيلها" على حد تعبيره.

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة