الصحافة الجزائرية
الصحافة الجزائرية تعيش أزمة خانقة

تعيش الصحافة في الجزائر "حملة تضييق"، طالت العديد من وسائل الإعلام، كان آخر ضحاياها موقع "كل شيء عن الجزائر" و"يومية الفجر"، هذه الأخيرة التي أعلنت مديرتها حدة حزام الدخول في إضراب عن الطعام، للمطالبة بـ"رفع الحصار" عنها، حيث لم تستفد من الإشهار منذ 3 أشهر، ما جعلها تعيش أزمة مالية كبيرة.

وفي مقابل الوضع، تنفي السلطات أن تكون لها يد فيما يجري، وتؤكّد أن معاناة الصحافة ماليّا بفعل تراجع عائداتها من الإشهار، مرتبط أساسا بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ انهيار أسعار النفط.

الأزمة الاقتصادية.. وضحايا التضييق

في تصريحات رسمية، قال وزير الاتصال الجزائري، جمال كعوان، إن الأزمة الاقتصادية "أجبرت 60 صحيفة على التوقف، بينها 26 جريدة يومية و34 أسبوعية منذ 2014، من أصل 140 صحيفة تنشط في مجال الصحافة المكتوبة في البلاد".

وانخفض الدعم المالي الذي تقدّمه الدولة للصحف، عن طريق الإشهار، بنسبة 65 % ما بين سنتي 2015 و2016، وهذا بعد تراجع أسعار النفط، حسب تصريحات لوزير الاتصال السابق حميد غرين.

​​غير أن مسألة تراجع دعم الصحف بالإشهار، لا يُخفي تعرّض وسائل إعلام للتضيق بفعل خطها التحريري، ما أدى إلى غلق بعضها، منها فضائيتي "الأطلس" و"الوطن"، اللتين انتهجتا خطا معارضا للسلطات، فيما أغلقت قناة "كاي بي سي" أبوابها بسبب عجز مالي، حسب مالكيها.

كما يتعرض موقع "كل شيء عن الجزائر" للحجب منذ الخامس أكتوبر الفارط، حيث يشتكي مُلاّكُه "تعرّضه للحجب عبر شبكة الإنترنت التابعة لشركة اتصالات الجزائر، المزود الوحيد للإنترنت، أو عبر فرعها لشبكة الهاتف النقال "موبيليس"، وكلاهما تابعان للحكومة، فيما نفى وزير الاتصال علاقة الحكومة بالحجب.

"سأجُوع لأستعيد حقي"

وسألت "أصوات مغاربية" مديرة "يومية الفجر"، عن الظروف التي تعيشها الصحافة الجزائرية عموما وصحيفتها على وجه الخصوص، فقالت "نتعرض للتضييق باستعمال الإشهار منذ أربعة أشهر".

​​وأضافت حزام "صحيح أن البلد يعيش أزمة اقتصادية لكنني تعرضت للتضييق قبلها، ففي سنة 2004 أوقفوا عني الإشهار ولم يرفع الحصار إلا بعد 14 شهرا.. وما أتعرّض له هذه المرة كان بسبب تصريحات تساءلتُ فيها عن مركز القرار في البلاد، هل هو الرئيس أم غيره، فعاقبوني!"

وختمت محدثتنا "لقد راسلت الرئيس بوتفليقة والوزير الأول بخصوص أزمتي ولم يردّ علي أحد، لذلك قررت الدخول في إضراب عن الطعام لأستعيد حقي في الإشهار. لم يبق أمامي حلّ آخر، فلقد استدنت الكثير من الأموال لأدفع أجور الصحافيين، لكن اليوم لم أعد قادرة على الاستدانة، هذا هو الوضع".

"نعيش أسوأ مرحلة"

من جهته، قال الصحفي محمد بلعاليا، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إنه "لا يمكن تجاهل تراجع الإعلام في الجزائر سواء من ناحية الحريات أو الأداء، بفعل التضييق".

وأضاف بلعاليا "الإعلام يعيش أتعس أيامه ويتعرّض إلى مضايقات كبيرة لم يشهدها حتى خلال حالة الطوارئ وفي فترة الإرهاب"، وأردف "لقد باتت السلطة تصنف الإعلام على إنه إما مُوالٍ وإما عدو".

واعتبر بلعاليا أن "السلطة تجعل الإشهار عصا لضرب خصومها وتغري به مقابل التخلي عن مبادئ الاعلام. ومن العيب أن يتكلم وزير الاتصال في اليوم الوطني للصحافة عن غلق 60 صحيفة ثم يقول: لقد حققنا قفزة نوعية في الإعلام.. هذا عبث".

​​​واستغرب محدثنا حجب موقع "كل شيء عن الجزائر"، قائلا "حُجب موقع كل شيء عن الجزائر، وهو موقع إخباري يقدم مواضيع بطريقة موضوعية ويفتح بابه للجميع دون إقصاء، لكنه حُجب بدون أي توضيحات، بينما تمنح تسهيلات للموالين للسلطة".

وختم بلعاليا "ما لم يتهيكل الصحفيون في نقابة تدافع عنهم وعن حرية التعبير فلن نخرج من هذا الوضع. يجب تحويل الصحافة في الجزائر مِن مهنة مَن لا مهنة له إلى مهنة محترفين، لأننا نشهد هجرة المحترفين أو تهجيرهم وآخرون يعانون التضييق! وضع الصحافة في الجزائر سيئ جدا وتشخيصه متشعب وإيجاد حلول له أصعب".

"التضييق ليس بسبب حرية التعبير"

وكان للإعلامي حسان خلاّص رأي آخر في الموضوع، حيث نفى أن يكون هناك تضييق على الإعلام لأسباب تتعلق بحرية التعبير فقط.

وأفاد خلاص في تصريح لـ"أصوات مغاربية" قائلا "لا أعتقد أن هناك تضييقا على الإعلام من باب حرية الرأي والتعبير، بل يمكن أن تكون هناك صرامة في التعامل التجاري خاصة فيما يتعلق بالإشهار".

​​ومضى خلاص يقول "المعروف أن التعامل مع الإشهار لا يخضع دائما لمعايير مهنية، هناك صحف طالها الإجحاف بعد أن كانت تستفيد من الإشهار في السابق وهناك من استفاد من تسهيلات في دفع مستحقات الطبع لكنه وجد نفسه محل تضييق، وهذا راجع لعوامل تتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد".

وختم خلاص "الصحف التي تشتكي الآن من التضييق كانت بالأمس القريب تستفيد من الإشهار والسبق. أنا لا أريد أن تتضرر أية وسيلة إعلامية وأنا من المدافعين عن حرية التعبير، لكن ما يقال عن التضييق بسبب الخط الافتتاحي ليس دقيقا دائما".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة