يختلف الاحتفال بعيد المولد النبوي في منطقة زرهون بضواحي مدينة مكناس (وسط المغرب) عن احتفالات باقي مناطق المغرب. فالعيد بهذه المنطقة يصادف موسم سيدي علي بن حمدوش.

وهو "ولي صالح" تحج إليه فئات كثيرة من المجتمع، طلبا للشفاء أو الحمل لعاقر أو الزواج لعانس. إلى هنا يبدو الأمر طبيعيا. فأغلبية الأولياء ترتبط الغاية من زيارتهم بأحد الأهداف المذكورة، غير أن الغرابة سرعان ما ترتسم، عندما نرى  عشرات المثليين الجنسيين يحجون كل عام إلى هذا الموسم. فما علاقة موسم "سيدي علي بن حمدوش" بالمثليين جنسيا؟.

​​حج الأقليات

في كل عيد مولد نبوي تتحول زاوية سيدي علي بنحمدوش إلى وجهة سياحية تحتضن المثليين الجنسيين لمدة أسبوع. يلتئمون ويتحدون ويغتنمون فرصة حضور مثليين جنسيين من العالم للتعارف فيما بعضهم. ظاهرة يفسرها الباحث في علم الأنثروبولوجيا كمال فريالي، بالقول" المثليون مثلنا لهم حاجيات روحية يجب تصريفها. عندما يعجز الخطاب الديني عن التعاطي مع هذه الحاجيات، فمن الطبيعي أن يجد بعض المثليين ملاذا روحيا أكثر أمنا".

لكن ماذا عن الفرضية الرابطة بين حج المثليين إلى الموسم وعزوبية الولي الصالح علي بنحمدوش؟ يصر الباحث الأنثروبولوجي على أنها فرضية غير صحيحة، قبل أن يردف "علي بن حمدوش، أحد مشايخ الإسلام الصوفي المغربي الذين أسسوا طرقا روحية في عهد السلطان إسماعيل بن الشريف العلوي، وضريحه موجود حاليا بالقرية التي تحمل اسمه على بعد بضعة كيلومترات من مدينة مكناس".

نفس الفكرة، يشدد عليها الباحث في علم الأنثروبولوجيا، مصطفى القادري، معتبرا في تصريحه لـ "أصوات مغاربية"، أن الولي علي بن حمدوش بريء مما يحدث بجانب ضريحه من سحر وشعوذة وعلاقات جنسية غير شرعية، مؤكدا أن ابن حمدوش من كبار مشايخ الصوفية في المغرب وله تلاميذ كثر، أشهرهم الشيخ محمد بن يوسف الحمدوشي، والولي الصالح الشيخ أحمد الدغوغي".

غير أن الباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، له طرح آخر يعتبر فيه أن الموسم ليس سوى سوق كبير يحج الناس إليه من أجل أغراض أخرى لا علاقة لها بالتصوف، مشددا في حديثه مع "أصوات مغاربية"، على "أن الطريقة الحمدوشية بريئة مما يقع بجانب ضريح وليها علي بنحمدوش".

​​للحمادشة رأي آخر

يرفض علي بنحمدوش المشرف على ضريح علي بنحمدوش، ربط اسم الولي الصالح بالسحر والشعوذة أو المثلية الجنسية، معتبرا أن الطريقة الحمدوشية غير مسؤولة عما يقع داخل الموسم من سحر وشعوذة وطقوس أخرى غريبة.

ويؤكد المتحدث في تصريح لـ "أصوات مغاربية" على أن "ضريح سيدي علي بن حمدوش هو للذكر والتربية الدينية والتقرب من الله"، قبل أن يضيف "طقوسنا داخل الضريح لا تخرج عن الذكر وقراءة القرآن وتنظيم ليالي السماع".

وعن سبب اشتهار الزاوية بالحمدوشية أو الحمادشة، يؤكد المتحدث ذاته، أن "الطريقة كانت تعرف بتلاوة الورد و الاستغفار والصلاة على النبي، وترديد اسم الله، والتعلق بالسماع والجذب والحضرة بمصاحبة الآلات الموسيقية، كالمزامير والدف والطبل وغيرها".

وخلص علي بنحمدوش في حديثه مع "أصوات مغاربية"، إلى أن تنامي وانتشار الطقوس الغريبة بالقرب من هذا الولي، سببها دخول طوائف أخرى إلى الموسم تؤمن بهذه الطقوس".

​​تطهير نفسي

من جهة أخرى، اعتبر الطبيب المختص في الأمراض النفسية، عبد المجيد كمي، أن كل شخص يعاني من إحباط ويأس يقصد الولي علي بنحمدوش، من أجل حل مشاكله، مثل التأخر في الزواج أو ضعف القدرة الجنسية، إضافة إلى الحالات التي يعاني أصحابها إحباطا شديدا"، مضيفا أن "كل تلك الضغوطات النفسية تتحول داخل الموسم إلى حضرة وجذبة و أعراض غريبة يعبر بها الجسم عن آلامه".

وقال كمي في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن الجذبة هي تطهير وعلاج نفسي يساعد المريض النفسي على التخلص من كل الضغوطات عبر الأناشيد ورقصات الحضرة، والتي تنتهي بالمريض خلال اللحظات الساخنة إلى حالة تشبه العلاج النفسي على شاكلة عمليات التنويم المغناطيسي.

​​​​المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة