مسجد بالجزائر العاصمة - أرشيف
مسجد بالجزائر العاصمة

أثار عدم امتثال أئمة جزائريين لتعليمة وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي طلبت منهم تخصيص خطبة الجمعة لتثمين قرار الرئيس بوتفليقة بترسيم رأس السنة الأمازيغية يوما وطنيا، جدلا وسط الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحسب مدونين، فإن سبب رفض أئمة لطلب الوزارة يعود لامتثالهم لفتوى أحد أقطاب السلفية بالجزائر والتي يحرم فيها الاحتفال بيناير على اعتبار أنه ليس من أعياد المسلمين، بل "هو شرك بالله"، على حد تعبير وسائل إعلام جزائرية نقلا عن موقع المفتي السلفي "الشيخ فركوس".

 

الشيخ فركوس اعتبر تخصيص خطبة بالجمعة ليناير يعد "محرما شرعا"​​

​​​​وأفادت يومية النهار الجزائرية، على موقعها على الإنترنت، أن الشيخ فركوس اعتبر تخصيص خطبة بالجمعة ليناير أمرا "محرما شرعا".

وكتبت النهار "اعتبر الشيخ فركوس إدراج خطبة خاصة بالاحتفال بيناير يوم الجمعة، من طقوس الشرك".

​​​وعلى إثر فتوى التحريم التي تشاركها نشطاء جزائريون كثر على المنصات الاجتماعية، قرر جزائريون عدم حضور خطبة الجمعة ليوم 12 يناير على اعتبارها "عادة شركية" على حد تعبير مدون جزائري.

​​ورغم جهود الوزارة الوصية على الشؤون الدينية، بمعية وسائل الإعلام، لإبراز امتثال الأئمة لدعوتها لتثمين قرار ترسيم يناير يوما وطنيا، إلا أن المستشار السابق بالوزارة والمختص في الإسلاميات، عدة فلاحي، يؤكد تحفظ الكثير منهم على تخصيص خطبة الجمعة للإشادة بقرار بوتفليقة.

​​وعشية يوم الجمعة 12 يناير، بدأ بعض المهتمين بالشؤون الدينية بالجزائر التشكيك في إمكانية اتباع تعليمة الوزارة بسبب تمسك أئمة بالمذهب السلفي، وهو سبب كاف حسب فلاحي، يجعلهم "يفضلون فتوى الشيخ فركوس، على تعليمة الوزراة".

وتكهن موقع "الجزائر24"، في مقال بعنوان "فتوى للشيخ فركوس تمنع أئمة السلفية من خطبة يناير في الجمعة، بإمكانية عدم انصياع من سماهم "أئمة السلفية" لتعليمة الوزير بناء على فتوى الشيخ المذكور.

اقرأ أيضا: الاحتفال بـ'يناير' حرام!.. ظهور فتاوى ترعب الجزائريين

وجاء في مقال موقع الجزائر24 "تساءل متتبعون للشأن الديني ببلادنا عن مصير تعليمة وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى بتوحيد خطبة الجمعة للحديث عن "الأمازيغية لغة وعيدا وبعدا تاريخيا وموروثا ثقافيا" لدى الأئمة السلفيين باعتبار مرجعهم "الشيخ فركوس يعتبر هكذا مناسبات من قبيل الشرك".

وتكهن الموقع الإخباري ذاته، بإمكانية عدم انصياع من سماهم "أئمة السلفية" لتعليمة الوزير بناء على فتوى الشيخ فركوس.

وصاحبت هذا المشهد تساؤلات حول حقيقة ولاء بعض الأئمة بالجزائر، هل للوزارة التي تدفع لهم معاشاتهم؟ أم لشيوخ السلفية الذين يتفقون معهم مذهبيا؟

إمام مسجد القدس بـ"حيدرة" وسط العاصمة الجزائر، الشيخ قسول جلول، يرى بأن الجزائر لها مرجعية معرفية ودينية واضحة، تجعل الأئمة في غنى عن البحث في مشارب جديدة لاستقاء الفتاوى.

ويؤكد إمام مسجد حيدرة أن الاحتفال بيناير لا يدخل ضمن البدع الدينية، لأنه "من العادات التي توارثناها عن أجدادنا الأمازيغ".

وإذ يؤكد المتحدث ضرورة التفريق بين العبادة والعادة، يؤكد أنه كإمام يرى بضرورة دعم ما هو مستحسن في عاداتنا، مادام الأمر يتعلق بدعم اللحمة بين أفراد المجتمع.

ويتابع الإمام حديثه لـ "أصوات مغاربية" متسائلا "التويزة مثلا من العادات الحميدة، كيف يمكن تحريمها؟"

أما بخصوص بعض الأئمة الذين لم ينصاعوا لتعليمة الوزراة بخصوص يناير، أوضح المتحدث أنهم ينتمون لتيار فكري بعينه، وهو سر عدم اتباعهم لأوامر الوزارة الوصية.

"أعرف الكثير منهم فهم إخواننا، حاولنا نصحهم، لكن دون جدوى" يبرز الشيخ جلول، مؤكدا وجود ظاهرة عدم الامتثال للتوجيهات منذ زمن عند بعض أئمة المساجد.

"لقد تم فصل بعض الأئمة لعدم تقبلهم للمرجعية الدينية وتعاليم وزارة الشؤون الدينية" يؤكد قسول جلول.

وفي سياق تأكيده على إباحة الدين الاسلامي الاحتفال بيناير، كشف أنه قدم درسا باللغة الأمازيغية يوم 12 يناير، تنفيذا لدعوة الوزارة من جهة ولإيمانه بجواز الاحتفال بيناير من جهة أخرى.

أما المستشار السابق بوزارة الشؤون الدينية، عدة فلاحي، فيفضل الإجابة عن هذا التساؤل بالرجوع إلى حقيقة واقع الانتماء والولاء لبعض الأئمة ومديري الشؤون الدينية ببعض الولايات، وكذا بعض الممارسات التي تكرس تمكين التيار السلفي في أوساط الشؤون الدينية بالجزائر.

مدراء الشؤون الدينية ببعض الولايات يدينون للسلفية بالولاء، أكثر من ولائهم للوزارة

​​وفي حديث لــ "أصوات مغاربية"، كشف فلاحي أن "التيار السلفي أضحى متفشيا في مختلف الإدارات بالجزائر، وهو الأن يملي على متّبعيه تصرفاتهم تجاه مواضيع تهم الوطن من قبيل الانصياع للحاكم من عدمه".

ويضيف فلاحي "بحكم عملي السابق بالوزارة أؤكد أن بعض مدراء الشؤون الدينية ببعض الولايات يدينون للسلفية بالولاء، أكثر من ولائهم للوزارة".

وفي سياق تعليقه على عدم انصياع أئمة لتعليمة الوزارة بخصوص يناير، أكد فلاحي أن الأمر يفوق مجرد خطبة جمعة بقدر ما يمس بدرجة ولاء هؤلاء الأئمة لمن يوضفهم ضمن شروط مسبقة تحتم عليهم اتباع المرجعية الوطنية "التي تتغنى بها الوزارة"، على حد تعبيره.

وإذ يؤكد خطورة ذلك على استقرار الوطن، يرى فلاحي ضرورة الإسراع بتبني "سياسة صارمة تجاه كل من يدين بالولاء لأي جهة خارجية".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة