Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

الرئيس الشرفي لجمعية موريال ديدييه بينوت
الرئيس الشرفي لجمعية موريال ديدييه بينوت

يؤكد ديدييه نيبوت الرئيس الشرفي لجمعية "موريال" المهتمة بشؤون يهود الجزائر عدم استعداد هؤلاء للعودة والاستقرار مجددا في موطنهم الأصلي، ويكشف في حوار مع "أصوات مغاربية" ما اعتبره حملة اضطهاد ظلوا يتعرضون لها عبر مراحل تاريخية عديدة.

نص الحوار:

لا نسمع كثيرا عن يهود الجزائر على خلاف ما هو حاصل مع يهود المغرب وتونس، ما السبب في ذلك يا ترى؟

هذا صحيح وتفسيره بسيط جدا، فكما يعلم الجميع فإن اليهود الجزائريين عاشوا ظروفا مختلفة تماما عن البقية، لاعتبارات سياسية وتاريخية ربما. إذا شئت يمكن القول إنهم اندمجوا في الأمة الفرنسية، وصاروا جزءا منها مباشرة بعد صدور "مرسوم كريميو" سنة 1870.

وقد سمح لهم هذا القانون بحمل الجنسية الفرنسية والانصهار بشكل يكاد يكون كليا في المجتمع الفرنسي. لذا تجد العديد من مشاهير اليهود الجزائريين من أمثال هنري ليفي، أو بنجامين ستورا أو إنريكو ماسياس يُقدمون أنفسهم على أساس أنهم فرنسيون وليس من يهود الجزائر.

أستطيع القول إنه لم تعد هناك خصوصية كبيرة لما كان يسمى يهود الجزائر، ما عدا كونهم يهود يعيشون في فرنسا، وينشطون في بعض الفعاليات مثل جمعية "موريال" التي تهتم بتاريخهم وماضيهم.

هل تريد القول إن "مرسوم كريميو" لم يخدم مصالح يهود الجزائر؟

لا ليس هذا ما أقصده، لابد من العودة إلى السياق التاريخي الذي جاء فيه هذا المرسوم، فالجزائر قبل صدور قانون كريميو، وقبل مجيء فرنسا، كانت خاضعة لسيطرة نظام عثماني متسلط عامل اليهود بقساوة بالغة.

هذه الحقيقة يذكرها العديد من المؤرخين، وأيضا قنصل الولايات المتحدة الأميركية الذي أشار في سنة 1815 إلى الوسائل القهرية التي تعرض إليها اليهود، ومنها استعمالهم  كذروع بشرية، قبل أن يتعرض الحاخام الأكبر سنة 1825 إلى القتل بالعاصمة، وبأشع طريقة إذ فصلوا رأسه عن جسده.

واستمر الوضع على حاله إلى غاية رحيل الإدارة العثمانية من الجزائر، ومجيء فرنسا، ووقتها حافظ اليهود على موقف محايد بين الطرفين.

ولم يشفع لهم هذا في شيء، إذ عاد مسلسل الرعب ليخيم على حياة يهود الجزائر، لكن هذه المرة  على أيدي فرق عسكرية تابعة لجيش الأمير عبد القادر في نواحي مليانة.

وللأمانة أؤكد أن الأمير عبد القادر كان ضد هذه الممارسات، وفعل كل شيء من أجل توقيفها، بل عاقب مقترفيها.

وأعتقد أن مثل هذه الجرائم التي ارتكبت في حق اليهود وقتها هي من فرضت عليهم الاحتماء بالإدارة الفرنسية، قبل أن يقرروا الاستفادة من مرسوم كريميو الذي سمح لهم بحمل الجنسية الفرنسية، كما قلت.

فرقة موسيقية يهودية في الجزائر
فرقة موسيقية يهودية في الجزائر

والآن هل يوجد يهود يعيشون في الجزائر؟ وكم يقدر عددهم؟

لو أجبتك بشكل رسمي سأنفي ذلك وأقول إنه لا وجود لأي يهودي في الجزائر الآن، لكن إذا كان هناك بعض اليهود الذين رفضوا مغادرة الجزائر بعد استقلالها سنة 1962، فيمكنني أن أؤكد لك بأن عددهم قليل، وهؤلاء يعيشون بعيدا عن الأضواء، ولا يُظهرون هويتهم الدينية بسبب الخوف.

لكن مصادر تتحدث عن وجود ألف يهودي في الجزائر؟

لا هذا غير صحيح، الإحصائيات الرسمية التي كانت بحوزة المحامي الراحل روجي سعيد المكلف بالدفاع عن ممتلكات يهود الجزائر تتحدث عن وجود حوالي 100 يهودي في الجزائر فقط، هذه معطيات قبل 15 سنة مضت، أما الآن فكل الإحصائيات تنفي وجود أي يهودي في الجزائر.

هل تريد القول إن اليهود يتعرضون للتهديد في الجزائر؟

نعم هذا شيء مؤكد، يهود الجزائر ظلوا يتعرضون لتهديدات متواصلة، منذ العهد العثماني كما شرحت سابقا، وخلال المقاومة والحرب الجزائرية، ثم علينا ألا ننسى أيضا واقعة انتهاك المعبد اليهودي في الجزائر العاصمة شهر ديسمبر 1960، عندما تعرض بعض اليهود إلى هجوم تسبب في مقتل العديد منهم.. كل هذه العوامل تجعل اليهود يخافون على حياتهم في الجزائر.

البعض يقول إن أصل المشكلة هو مطالبة اليهود بما يعتبرونه ممتلكات خلفوها في الجزائر؟

لا هذا غير صحيح على الإطلاق، أؤكد لك أن أغلب اليهود تم تعويضهم من طرف الحكومة الفرنسية مباشرة بعد استقلال الجزائر، لأنهم كانوا يتمتعون بجنسيتها وخضعوا لنفس الاعتبارات القانونية، والمزايا التي استفاد منها المواطنون الفرنسيون الذين كانوا يتواجدون بالجزائر قبل هذه الفترة.

أنا هنا أحرص على التنويه بأن يهود الجزائر لا يطلبون أي تعويض من الدولة الجزائرية حاليا، هذه مجرد إشاعات.

وهل يفكر يهود الجزائر في العودة لموطنهم الأصلي؟

قبل أن أجيبك سأروي لك قصتين متعلقتين بهذا الموضوع. في سنة 2012 تقدم مجموعة من اليهود بطلب زيارة جماعية إلى السلطات الجزائرية من أجل السماح لهم بالوقوف على مقابر ذويهم الذين دفنوا هناك، في بداية الأمر قُبل طلبهم، لكن عادت السلطات لترفضه مجددا.

وسنوات قليلة بعد ذلك، انتهزت فرصة زيارة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند للجزائر وقدمت طلبا جديدا للرئيس بوتفليقة في السياق نفسه، لكن تفاجأت لردة الفعل وكيف تم استقبال طلبي.

ماذا حدث؟

تعرضت لحملة سب وقذف استمرت لفترة طويلة من قبل بعض الجزائريين الذين رفضوا طلبي.. أعتقد أن كل شيء واضح.

وبماذا تفسر هذا الموقف حيال يهود الجزائر؟

في نظري الأمر مرتبط بعاملين اثنين يلفان هذا الموقف الرسمي أو الشعبي حيال عودة اليهود إلى الجزائر. السبب الرئيسي تاريخي بامتياز يتعلق بموقف اليهود الذين اختاروا الاندماج في المجتمع الفرنسي وفق مقتضيات مرسوم كريميو.

أما السبب الثاني فيرجع إلى انتشار خطاب ديني متطرف كرّه الجزائريين في اليهود، وعمل على إبعادهم من موطنهم الأصلي.

لكن لم تجبني على سؤالي بخصوص عودة اليهود إلى الجزائر؟

وفق هذه المعطيات التي ذكرتها لا أعتقد أن هناك ما يحفزهم على العودة إلى الجزائر والاستقرار فيها، ممكن من باب الزيارة فقط، ليس إلا.

 

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

 

 

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة