ناشطة تحمل علم الأمازيغية في مسيرة بالرباط (2017)
ناشطة تحمل علم الأمازيغية في مسيرة بالرباط (2017)

أمينة بن الشيخ، ناشطة أمازيغية مغربية تقود منظمة التجمع الأمازيغي العالمي، التي يوجد مقرها بالعاصمة البلجيكية بروكسيل.

أُنشئت هذه المنظمة من رحم الكونغرس العالمي الأمازيغي، لتصير واحدة من منظمات غير حكومية عدة تعنى بالدفاع عن القضايا الأمازيغية.

في هذه المقابلة، تطرح بن الشيخ تقييمها لسياسة المغرب في الارتقاء بالثقافة الأمازيغية وترسيمها، كما تُعرج على حيثيات تنزيل مقتضيات دستورية تهم تعزيز الأمازيغية، لغة وثقافة، داخل المجتمع المغربي.

أمينة بن الشيخ
أمينة بن الشيخ

​​

نص المقابلة:

باعتبارك رئيسة لمنظمة عالمية تعنى بالأمازيغية، كيف ترين الوضعية الحالية للغة والثقافة الأمازيغيتين بالمغرب؟

يمكن وصفها بالوضعية الكارثية، والتي اتضحت معالمها ما بعد تنزيل دستور 2011، إذ عرفت اللغة والثقافة الأمازيغيتين تراجعا كبيرا رغم دسترتها، وظلت العديد من الملفات عالقة إلى اليوم.

في تقييمنا للوضعية الحالية، نرى أن تنزيل الأمازيغية عبر قوانين تنظيمية دفع بها إلى "البلوكاج" والطريق المسدود، في ظل التأخر الحاصل على مستوى إخراجها؛ فأي مؤسسة نريد استفسارها عن عدم العمل باللغة الأمازيغية مثلا، تطلُب انتظار خروج هذه القوانين التنظيمية.

هل هذا يعني أنه لم يتم البدء في تنزيل مقتضيات اللغة الأمازيغية الواردة في الدستور المغربي الجديد؟

لحد الآن لم يتم ذلك، في ظل عدم الإفراج عن القوانين التنظيمية التي تعطي البداية الفعلية لعملية التنزيل، باستثناء القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي تم العمل عليه من طرف لجنة ملكية، وقدمت صياغة متقدمة جدا له.

في تقييمنا للوضعية الحالية، نرى أن تنزيل الأمازيغية عبر قوانين تنظيمية دفع بها إلى الطريق المسدود

​بخلاف ذلك، كانت مشاريع القوانين التنظيمية التي تقدمت بها الحكومة بعيدة عن طموح الحركة والفعاليات الأمازيغية.

أعتقد أنها معضلة حقيقية، وأعتقد أن ما قدمته الحكومة في حاجة إلى تعديل ومجهود حتى يكون وفق التطلعات.

وضع مشروع القانون التنظيمي حيز 15 سنة كأفق زمني لإدماج الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة، هل ترين هذه المدة طويلة أم كافية لتفعيل مضامين ترسيم الأمازيغية؟

هذا هو المشكل، فما نص عليه مشروع "بنكيران" (تقصد رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران)، وليس الحكومة، لأن مكونات هذه الأخيرة أكدت أنها لم تطلع على المشروع، بما فيها جميع الأحزاب (تقصد أحزاب الأغلبية الحكومية)، ما جر عليه مجموعة من المؤاخذات.

أعتقد أن تحديد برنامج زمني لمسار عملية التنزيل في 15 سنة، مقسمة على ثلاث مراحل، تم تجاوزه سابقا؛ فعلى مستوى إدماج اللغة الأمازيغية في التعليم، يعلم الجميع أنه بدأ التدريس بهذه اللغة في المدرسة العمومية منذ سنة 2003، وأيضا تم إدماج الأمازيغية في الإعلام العمومي منذ 2006، لذلك فإن تلك المراحل متجاوزة جدا، والعمل وفقها يعد بمثابة العودة إلى نقطة الصفر.

تُحملين الحكومة، في معرض كلامك، مسؤولية ما تعتبرينه تأخرا في ترسيم الأمازيغية، هل تقصدين أن الأمر مرتبط بإرادة سياسية؟

أكيد لا توجد إرادة سياسية نهائيا، وهذا هو الغريب والمؤسف في الأمر. نحن نرى اليوم تعامل رئيس الحكومة مع الملف، فقد انصاع بشكل كبير لأيديولوجية حزبه، بالرغم من كونه أحد الأشخاص الذي دافعوا عن كتابة الأمازيغية بحرف "تيفناغ"، وناضلوا من أجل ترسيم الأمازيغية في الدستور.

نحن نرى اليوم تعامل رئيس الحكومة مع الملف، فقد انصاع بشكل كبير لأيديولوجية حزبه

​دليل آخر على ذلك هو عدم استجابة رئيس الحكومة لمطلب اعتماد رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية بالمغرب، رغم توجيه عدة رسائل إليه بهذا الخصوص.

في السياق نفسه، تم، بداية السنة الجارية، اعتماد رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية بالجزائر، هل يزيد هذا القرار من الضغط على الدولة المغربية من أجل القيام بخطوة مماثلة؟

نعم، كنا نتمنى أن يكون المغرب سباقا إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، كما كان سباقا إلى ترسيم اللغة الأمازيغية، على علات هذا التنزيل، خصوصا أن المغرب أصبح مرجعا في اللغة الأمازيغية والبحث فيها عن طريق استقطاب باحثين وطلبة من بلدان مغاربية مثل الجزائر وتونس وليبيا.

تحدثتٍ عن البلدان المغاربية، هل هناك تنسيق بين الجمعيات الأمازيغية في هذه البلدان، تحت مظلة التجمع العالمي الأمازيغي؟

التجمع العالمي الأمازيغي يتشكل من جمعيات مختلفة توجد في كل هذه البلدان التي ذكرتُ، وهناك مكتب فيديرالي هو من ينسق بينها، ويقوم بالاطلاع على تقارير هذه الجمعيات حول الوضعية الظرفية للأمازيغية في كل بلد.

منذ سنوات، بدأت تجربة تدريس اللغة الأمازيغية في المستويات التعليمية الأولية بالمغرب، اليوم، هل صار أبناء المغاربة يتقنون اللغة الأمازيغية؟

لا يمكن التسليم بصحة ذلك، لأنه لحد الآن لم يتم تدريس اللغة الأمازيغية بالشكل المطلوب، والدليل على ذلك أن التلاميذ يدرسونها في المستوى الأول، وبعد سنة، عندما ينتقلون إلى المستوى الموالي، لا يجدون من يدرسهم اللغة بسبب خصاص في الأساتذة المؤهلين لذلك، ما يفرز انقطاعات متتالية تؤثر على مسار اكتسابها.

اللغة الأمازيغية لغة رسمية مثل العربية، عليهما معا الحقوق والواجبات ذاتها

​​شخصيا، لا أعرف ما هو نصيب الأمازيغية من ميزانية 2018، التي لم تُخصص أي شيء لمشروع تنزيلها في التعليم حتى يستطيع أبناء المغاربة دراسة اللغة الأمازيغية.

دائما ما يُطرح مشكل منع أسماء أمازيغية بالمغرب، علما أن وزارة الداخلية تنفي الأمر في عدة مناسبات، هل هناك تحفظ رسمي على الأسماء الأمازيغية؟

في اعتقادي، للأسماء الأمازيغية حمولة ثقافية وتاريخية قوية، ليست منعزلة عن السياق، وعندما يطلقها الآباء على أبنائهم يحس هؤلاء بحجم وقيمة هذه الأسماء ورمزيتها، لذلك فهي تفرز اعتزازا بتاريخ وهوية الأمازيغ، وبالتالي فإن الدولة ترفض أن يكون بيننا مثل هؤلاء الأشخاص.

تنشطين في التجمع العالمي للأمازيغ، وهناك الكونغرس العالمي للأمازيغ، كما توجد منظمات وفيدرالية مغربية ومغاربية ودولية خاصة بالأمازيغ، ألا يعني ذلك تشتيتا لجهود الناشطين في مجال الدفاع عن القضايا الأمازيغية؟

لا أظن أن الأمر يضعف القضية.. نحن لسنا نقابة أو حزبا أو جمعية عرقية، الأمر يتعلق بتاريخ ولغة شعب بأكمله، وليس فئة معينة تحتاج إلى توحيد مخاطب لها من أجل التفاوض والحديث.

هناك دستور يشير إلى أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية مثل العربية، عليهما معا الحقوق والواجبات ذاتها، وليست لغة خاصة بفئة معينة؛ الدليل على ذلك أنه في الفصل الخامس من دستور 2011، هناك إشارة واضحة إلى كون اللغة الأمازيغية لغة لجميع المغاربة بدون استثناء.

 

المصدر: أصوات مغربية

مواضيع ذات صلة