هي إحدى امرأتين مغربيتين فقط تترأسان حزبين سياسيين، تنادي بالملكية البرلمانية والمساواة بين الرجال والنساء في الحياة العامة، ومجال السياسة على الخصوص.
إنها نبيلة منيب، المرأة التي استطاعت أن تتزعم الحزب الاشتراكي الموحد، ذي المرجعية اليسارية، منذ سنة 2012، قبل أن يجدد حزبها الثقة فيها لولاية أخرى بدأت مطلع الأسبوع الجاري.
في هذه المقابلة تكشف نبيلة منيب أفكارا سياسية ينادي بها حزبها، وبينها الملكية البرلمانية، كما تُقيِّم حضور النساء داخل الوسط السياسي المغربي.
نص المقابلة:
انتُخبتٍ مرة أخرى أمينة عامة للحزب الاشتراكي الموحد، ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لك؟
هذا عنوان لتجديد الثقة. كان هناك تجاوب إيجابي مع العمل الذي قمتُ به خلال ولايتي السابقة، وبالتالي تجديد الثقة هو دائما عنوان رضى عن العمل.
وهذا يزيدني إصرارا على مواصلة الطريق رفقة رفيقاتي ورفاقي من أجل التقدم نحو المشروع الذي نناضل من أجله، وهو الديمقراطية والحداثة والمساواة والتوزيع العادل للثروة والمواطنة الكاملة.
تتمكنين من تزعم حزبك علما أنك فشلتِ، في آخر انتخابات نيابية، في الحصول على مقعد برلماني، كيف تفسرين الأمر؟
لو كنا في بلد بديمقراطية كاملة، لكُنا اعتبرنا نتائج الانتخابات موثوقة مئة في المئة، لكننا في بلاد يتم اللجوء فيها للأعيان واستعمال المال خلال الحملة الانتخابية بشكل فظيع، إضافة إلى الحياد السلبي للدولة.
رفاقي لم يعتبروا الأمر فشلا، بل هو فشل راجع للتحكم في الخريطة السياسية.
بطبيعة الحال، أعتبر أن الأصوات هي أقل مما كنا نستحقه، وقمنا بأحسن وأنظف حملة، بشهادة المتتبعين، لكن المعيق الأكبر للأسف هو عدم تسجل عدد كبير من المتعاطفين مع الحزب والمتطوعين أثناء حملتنا، وبدون مقابل، في اللوائح الانتخابية، إضافة إلى عدم إمكانية مراقبتنا لـ39 ألف مكتب للتصويت عبر المملكة.
ما الذي يعنيه ترؤس امرأة في المغرب لحزب سياسي؟
يعني أمورا كثيرة، لأننا في مجتمع "باترياركي" (أبوي)، يعتبر المرأة إنسانا ناقصا وعليها البقاء تحت وصاية الرجل. نساء كثيرات نجحن في مجالات متعددة وفي المكاتب السياسة، ولكن لا توجد امرأة تتحمل مسؤولية أمينة عامة، وأعتبر حالتي نموذجا أتمنى أن يبنى عليها مستقبلا.
على المرأة تكسير حاجز الخوف واقتحام هذا المجال، وهناك دراسات علمية عالمية تبين أن المرأة أقل ارتشاء من الرجل، وتستطيع الجمع بين مهامها كأم ومربية وزوجة وفي العمل، فكيف لا تستطيع إنجاح العمل السياسي؟
وهذا ما حاولت الاجتهاد فيه، وقد أعطى ذلك ثقة لشبان وشابات، والدليل أنه، مباشرة بعد الانتخابات، التحق بنا حوالي 6000 منخرط مفتخرين بأول حزب سياسي يضع امرأة على رأسه.
في نظرك، هل عدم وجود نساء على رأس جل الأحزاب السياسية المغربية، راجع إلى نقص في كفاءة النساء السياسيات أم لتمييز يمارس في حقهن؟
تعاني المرأة المغربية من كل أشكال التمييز، التي تُترجم بعنف في العديد من الحالات، وبالتالي أقول إن الولوج إلى مراكز القرار الإداري والسياسي أساسي لكي تتقدم الديمقراطية بالرجل والمرأة معا.
قيمة المرأة المضافة هي اشتغالها بطريقة مختلفة عن الرجل، وقد جربنا الرجال ولم ينجحوا، ولم نعد نثق فيهم، ولهذا يجب إشراك النساء وإعطائهن فرصة كي يساهموا في إعادة هذه الثقة للمواطن.
ألا ترين أن الاهتمام ينصب أحيانا على مظهرك وهندامك باعتبارك امرأة أكثر من كونك سياسية؟
هذه المسألة مرتبطة بالموروث الثقافي. لكن هذا الأمر موجود حتى في الدول الديمقراطية التي لا تزال تعتبر المرأة كائنا دونيا، في حين أنها كائن ذكي وهذا الأمر يخيفهم.
أعتبر الاهتمام بالهندام احترام للآخر، لأن نقص النظافة لم يكن يوما عنوانا للنضال.
وصلت إلى رأس مركز القرار السياسي بحزب معارض، لكن العديدين يرون أنك لم تدافعي، انطلاقا من هذا الموقع، على قضايا المرأة بقدر تركيزك على جوانب سياسية أخرى؟
أبدا، المشكل هو ضعف وسائل إعلامنا، إذ لا نتوفر على جريدة إلكترونية، كما لم نكن نتوفر على دعم الدولة، وليست لدينا الإمكانيات للتوظيف.
ورغم ذلك، فقد كنا حاضرين في قضايا المرأة، كقضية أمينة الفيلالي، وقضية "مي فتيحة" وقضايا الاغتصاب. جميع القضايا تدخلنا فيها، وكنتُ أتجاوب بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
يكفي أن حزبنا، وفي أوج الاحتقان الشعبي بالريف، كان الوحيد الذي انتقل إلى هناك وتواصلنا مع المواطنين من خلال ندوة، واعتبروا في الأخير أننا أحزاب جادة ولا ننتمي إلى الدكاكين السياسية، وهذا فخر لنا.
تظهر الخريطة السياسية أن الحزب الاشتراكي الموحد غير ممثل في مجلس النواب سوى بنائبين، ما هي خطتك لتطوير موقع الحزب على الساحة السياسية؟
الاعتماد على طاقات الحزب والتقدم في إعادة بناء اليسار المغربي عبر الفيديرالية، وإشراك مختلف الفنانين والمثقفين والمفكرين والأكاديميين الذين عبروا عن دعمهم الواسع لنا خلال الحملة.
عملنا على تأسيس وهيكلة الحزب في كل جهات الوطن، ونشتغل بطريقة لا مُمركزة، نشتغل في الجامعات والمدارس ونحمل عددا من القضايا أهمها مجانية التعليم وجودته كأولوية.
نحن الحزب الوحيد الذي نهج النضال الديمقراطي، ونسميه الخط الثالث لأنه غير متذبذب، نحن نريد قطائع في بلدنا لإصلاحها سياسيا واقتصاديا.. نريد القضاء على الفقر والتهميش وما يزيد عن 45 في المئة من البطالة، نريد أن نصبح فعلا أجمل بلد في العالم.
هل ستستمرين في الدفاع على مطلبكم بإقرار الملكية البرلمانية في المغرب؟
بطبيعة الحال. ملكيتنا رائدة في أفريقيا وأمامها الفرصة لكي تبين للعالم أنها قادرة على إدخال الديمقراطية للدول الأفريقية.
الملكية البرلمانية هي الطريقة الأمثل للجمع بين الملكية الوراثية التقليدية والديمقراطية، يعني أن يصبح للملك مهام محددة بالدستور، لكن الحكم الفعلي للحكومة لكي نستطيع محاسبتها، وعبر المحاسبة يمكن الاشتغال بجدية.
الملكية لا تطرح إشكالا، لكننا نريدها في إطار ديمقراطي ليكون بلدنا رائدة مغاربيا وأفريقيا.
الملكية البرلمانية ليست ضررا، وإنما عبر الديمقراطية سنمتلك قرارا ومساهمة في إصلاح التعليم والصحة والبيئة، ونستطيع أن نقوم بالتنمية ونحمي بلدنا من أخطار الإرهاب والتطرف والاستغلال الاقتصادي.
المصدر: أصوات مغاربية