يتهم الناشط الحقوقي الجزائري، امحمد بن خروف، السلطات الفرنسية، بـ"التعامل بازدواجية" في تحقيقها في قضية الجزائريين الذين تم قتلهم على أراضيها.
ويُطالب بن خروف، في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية"، السلطات الجزائرية بالتحرك، قصد التسريع في التحقيقات التي فتحتها مصالح الشرطة والوصول إلى الجناة الذين ارتكبوا جرائم أخيرة راح ضحيتها جزائريون في فرنسا.
نص الحوار:
يسود غموض بشأن الجرائم التي استهدفت بعض الجزائريين بفرنسا، وأدت إلى مقتل 10 منهم، ما الجديد في القضية؟
لحد الساعة لا توجد معطيات جديدة بخصوص القضية، ما عدا استمرار حالة الهلع وسط العديد من الجزائريين المقيمين بالأراضي الفرنسية.
التحقيقات التي شرعت فيها مصالح الأمن تبقى مستمرة، لكن لم تطلع الجهات القضائية بأي جديد، كما أن الرأي العام هنا، في فرنسا، يتابع الحدث، ويتطلع لمعرفة نتائج هذه التحريات.
ما أستطيع التنبيه إليه هو عدم وجود أي شكوى رسمية من طرف عائلات الضحايا وذويهم، كما أن مصالح الأمن استجابت لدعوى عمومية أطلقتها الجهات القضائية، بعد توالي عمليات قتل الجزائريين في عدة مدن فرنسية، وخاصة بمارسيليا.
هل سيؤثر عدم وضع شكوى رسمية من طرف عائلات الضحايا على مجرى التحقيق؟
لا أعتقد أنه سيؤثر بشكل مباشر على التحقيق، ولكنه أثَّر على الموقف الرسمي للحكومة الجزائرية، إذ لا يمكنها التدخل بشكل مباشر في القضية الآن، كون الضحايا يتمتعون بالجنسية الفرنسية، كما أن الجريمة وقعت على الأراضي الفرنسية، وعليه أصبح الملف فرنسيا بالكامل.
وكيف يتابع الرأي العام في فرنسا هذه القضية؟
طبعا هناك اهتمام واضح من طرف الفرنسيين بهذه القضية، خاصة من طرف الوسائل الإعلامية. لا ننسى أن الأمر يتعلق بمقتل 10 جزائريين ينحدر أغلبهم من منطقة واحدة هي ولاية خنشلة الجزائرية.
إضافة إلى ذلك، فأغلب الجرائم وقعت في منطقة مارسيليا، التي شهدت جرائم قتل بشعة في السابق، ووضعت حدا لحياة بعض باورنات المخدرات والفساد المالي.
أوساط إعلامية عديدة بفرنسا تتابع الملف وفق فرضيات مختلفة، فمنها من صنفت الجرائم على أساس أنها تصفية حسابات بين جماعات تتاجر في المخدرات، ومنها من رأت أن الأمر يتعلق بممارسات عنصرية، قد تكون استهدفت مجموعة من الجزائريين من قبل جهات تُعادي الأجانب.
لكن هذا كله يبقى مجرد قراءات وتكهنات لا يمكن الاعتماد عليها لفهم ما جرى، فالجميع ينتظر نتائج التحقيق الرسمي.
جهات عديدة تؤاخذ على مصالح الشرطة في فرنسا ما تعتبره تأخرا في إعلان نتائج التحقيقات والوصول إلى الجناة، فكيف يمكن تفسير ذلك؟
هذا صحيح، وأؤكد أن هناك تحركات كبيرة لدى الجالية الجزائرية بفرنسا، والتي تبدي غضبا كبيرا من هذا التأخر المسجل في أداء المصالح الأمنية الفرنسية.
هذه الجرائم، كما يعرف الجميع، وقعت في ظرف زمني يتميز بحالة استنفار أمني لدى الأجهزة الأمنية على خلفية التهديدات الإرهابية التي عرفتها فرنسا.
وعليه، فمن غير المعقول ولا المقبول أن تَحدُث أغلب هذه الجرائم بمدينة مارسيليا، دون أن يتم الكشف عن أسرارها ولا الوصول إلى مرتكبيها، بعد مرور كل هذا الوقت.
في اعتقادي، هناك تمييز واضح في طريقة تعامل مصالح الأمن الفرنسية مع قضية الحال، فهي لم تعطها العناية الكاملة، وعاملت الضحايا على أساس أنهم جزائريون قبل أن يكونوا فرنسيين يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات.
هل أنت الآن تتهم السلطات الفرنسية بالتمييز؟
نعم، أنا أؤكد أن ما يحدث بخصوص قضية الجزائريين المقتولين بفرنسا هو تمييز واضح من طرف السلطات الفرنسية، وهو ما دفع بممثلين عن الجالية الجزائرية للتحرك من أجل معرفة ما يحدث.
لكن أطرافا اتهمت السلطات الجزائرية بعدم متابعة الملف، خاصة على مستوى ممثليها الدبلوماسيين بفرنسا؟
أعتقد أن المعطيات الراهنة الخاصة بهذا الملف، واللغز الكبير الذي أحاط بهذه الجرائم، يهي أمور تُحتم على السلطات الجزائرية التحرك بشكل مستعجل، من خلال ممثلي قنصليتها في مارسيليا مثلا.
نعرف أنه ليس سهلا عليها التدخل في الظرف الراهن، كون أن الضحايا يحملون الجنسية الفرنسية، لكن يمكنها أن تقوم بذلك عن طريق عائلاتهم، من خلال حثهم على تحريك دعوى رسمية لدى السلطات الفرنسية.
وحتى لو تفهمنا الموقف الرسمي الجزائري الآن، فإنه من غير المنطقي أن يبقى متواصلا، خاصة أن جهات سياسية تريد توظيف الموضوع في حسابات سياسية معينة تستهدف الجالية الجزائرية في فرنسا.
كلامي عن السلطات الجزائرية يرغمني أيضا على الحديث عن دور البرلمانيين الذين يمثلون الجالية الجزائرية بفرنسا، فموقفهم أيضا غير مقبول، وسكوتهم المتواصل سيضر بحقوق هؤلاء الجزائريين، لذا وجب عليهم التحرك بكل سرعة.
المصدر: أصوات مغاربية